توقيت القاهرة المحلي 15:51:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ظروفه كده..!

  مصر اليوم -

ظروفه كده

بقلم - د. محمود خليل

البشر نوعان.. نوع يصنع ظروفه وتواتيه الفرصة لذلك، ونوع آخر تصنعه الظروف التى يوضع فيها وتتحكم فيه وتحدد مآلاته. والعاقل من يحاول أن يتحدى ظرفه، ويجتهد فى إعادة صياغته، أو فى أقل تقدير يقلل من حجم تأثيره عليه.يستقبل كل فرد العالم فى ظروف معينة قد تختلف جملة وتفصيلاً عن ظروف غيره، فإذا كان الظرف معاكساً فإن صاحبه يوضع أمام أحد اختيارين، فإما أن يقفز عليها ويهذب من تأثيرها عليه، أو يستسلم لها، ويتحول إلى ريشة فى مهب رياحها.عرف تاريخ الأسرة العلوية سلطاناً تحكمت فيه «الظروف» بصورة كبيرة، فصار حائراً. لم تكن حيرته مثل حيرة سلطان «توفيق الحكيم» فى مسرحيته الشهيرة «السلطان الحائر»، بل حيرة من نوع آخر فرضها عليه ظرفه المختلف.تولى السلطان حسين كامل نجل الخديو إسماعيل الحكم بعد عزل عباس حلمى الثانى. كان الأخير يرفض فرض الحماية الإنجليزية على مصر مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، وهو ما واجهه الإنجليز بمنتهى الحسم، فعزلوه من منصبه، وخيروا بعدها حسين كامل وأفراد الأسرة العلوية بين قبول الحكم تحت الحماية، أو الإقصاء الكامل من السلطة، وإحضار أمير هندى ليتولى حكم البلاد. الظرف فرض على حسين كامل القبول، حماية للعرش العلوى، وأملاً فى أن يغير المعادلة بعد حين.وُوجه قرار حسين كامل بالتسلطن على الحكم تحت ظلال الحراب الإنجليزية بغضب شعبى عارم، واتهمه البعض بخيانة القضية الوطنية وحق مصر فى الاستقلال، وتعجبوا من قبوله الحكم بقرار إنجليزى، وليس بفرمان عثمانى مثل من سبقوه من حكام الأسرة العلوية. لم يتوقف الغضب عند حد الهجوم اللفظى فى شوارع المحروسة على السلطان، بل تعداه إلى محاولة الاغتيال من جانب بعض المجموعات، ويسجل التاريخ أن السلطان تعرض لمحاولتى اغتيال نجا منهما.امتص السلطان غضب الجماهير، وحاول أن يستوعبهم عبر مجموعة من الإجراءات الاقتصادية التى تؤمن معيشتهم، لكن الظرف فرض نفسه عليه من جديد. فقد حالت ظروف الحرب بينه وبين اتخاذ أية قرارات لصالح الناس، بل وأدت إلى نشوب أزمة اقتصادية كبيرة، عانى منها الناس كل المعاناة، فارتفعت الأسعار، وشحت السلع، وضاقت فرص العمل.وهكذا كلما حاول السلطان إصلاح أمر عاكسه الظرف. ظل الرجل على هذا النحو طيلة فترة حكمه التى لم تزد عن سنتين وبضعة أشهر، أصابه المرض فى نهايتها، وبدأ رحلة علاج يائسة انتهت بوفاته فى أكتوبر عام 1917، أى قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها بعام كامل.ويبدو أن ابنه الأمير كمال الدين حسين كان من الحصافة بحيث استوعب العبرة من رحلة أبيه، الرجل الذى قهره ظرفه، حين دُفع به إلى سدة الحكم فى أوضاع غير مواتية، تنازل الأمير الشاب عن الحكم، وتمرد على معادلة الاستسلام للظرف كما فعل أبوه، واتجه إلى المعادلة البديلة، فصنع حياته بالطريقة التى تريحه وترضيه، فتفرغ للرحلات والاستكشافات، ومال إلى التصوف، وأحب وعاش بعيداً عن العرش وصراعات القصور.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظروفه كده ظروفه كده



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon