توقيت القاهرة المحلي 05:01:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوقوف في منتصف الطريق

  مصر اليوم -

الوقوف في منتصف الطريق

بقلم - د. محمود خليل

خلافاً لعثمان بك البرديسي الذي تعود الهرب والاختباء، تعود محمد بك الألفي على الوقوع والقيام، والتعثر والنهوض. منذ أواخر عام 1804 وبدايات عام 1805 أصبح "الألفي" غريما رسمياً لمحمد علي، بعد أن تأكد لديه أن الأخير يسعي للجلوس على عرش مصر.

بعد الهزيمة التي نالها "الألفي" على يد محمد علي وعساكره في "طُرا" أعاد بناء نفسه وقواته من جديد، ومع مطلع عام 1805، تحرك إلى الجيزة مع عدد كبير من الأمراء والعربان، ومجموعة وافرة من المماليك، وعسكر بالمنصورية بالقرب من الأهرام، وأرسل إلى محمد علي ومن التف حوله من المشايخ: عمر مكرم، والشيخ الشرقاوي، يطلب تحديد جهة يستقر فيها هو وأتباعه، فردوا عليه بان يختار الجهة التي يريدها، ورجوه الهدوء حتى تسكن الفتنة التي تضرب البلاد.

وكانت القاهرة على قدميها بالفعل في ذلك الوقت، بعد أن أصر الزعماء الشعبيون المحيطون بمحمد علي على خلع خوشيد باشا أحمد، الوالي الرسمي للبلاد، وتولية محمد علي مكانه، وهو ما رفضه "خورشيد" جملة وتفصيلاً، وقال لهم إن من ولاني هو السلطان العثماني ولا يخلعني غيره.

وحاصر الأهالي القلعة -حيث يختفي الباشا العثمانلي- بتحريض من المشايخ، وأرسل محمد علي عساكره لمنع النزول أو الصعود من وإلى القلعة.لم يكن "محمد علي" يريد، وقد بات قاب قوسين أو أدنى من حلمه باعتلاء سدة الولاية، فتح جبهة جديدة مع محمد "الألفي"، فرأى أن يهادنه، ورد عليه بلطف بأن يختار المكان الذي يريده ليعسكر فيه مع قواته، ورجاء بألا يتحرك حتى تنتهي الفتنة التي أخذت بأطناب البلاد.

من جهته رأى "الألفي" أن من الحكمة ألا يضع يده في هذا المشهد، إلا بعد أن يستوي تماماً، خصوصاً بعد أن تحول الصراع إلى حرب أهلية، وبات المنحازون إلى الوالي العثماني يضربون بالمدافع والرصاص من داخل القلعة، ويضرب المحاصرون لها في الخارج بالمدافع والبنادق أيضاً، وأصبح الأهالي بالفعل جزءاً من الحرب، فتجمعوا حاملين السلاح من كل حدب وصوب حتى يجبروا الوالي على النزول من القلعة، وخلع نفسه من الولاية.

وكان على رأس قيادتهم -كما يشير "الجبرتي"- حجاج الخضري وكان يحمل سيفاً كبيراً في يده، و"ابن شمعة" شيخ الجزارين، ووراءهم عدد ضخم من الأهالي يحمل السلاح، جاءوا من بولاق، ومصر القديمة، وباب الشعرية، والحسينية، والعطوف، وخط الخليفة، والقرافتين، والرميلة، والحطابة.طال الوقت والموقف على ما هو عليه، الوالي العثماني جالس في القلعة ولا يريد النزول منها، والأهالي، الذين يقودهم المشايخ وعساكر محمد علي، عاجزون عن إنزاله، والطرفان يتبادلان الرشق بالمدافع والرصاص.

وقد أدت كثرة القتلى من الطرفين، وحالة وقف الحال التي ضربت الجميع، إلى التوقف والتفكير.

اجتمع الشيخ الشرقاوي والشيخ الأمير ومعهم العديد من المشايخ الآخرين وقالوا: ايش هذا الحال وما تداخلنا في هذا الأمر والفتن؟ واتفقوا على الوقوف على الحياد في صراع محمد علي مع الوالي خوشيد باشا أحمد، وذهبوا إلى محمد علي وقالوا له: أنت صرت حاكم البلدة، والرعية ليس لها مقارشة في عزل الباشا ونزوله من القلعة، وقد أتاك الأمر فنفذه كيف شئت.إنه عدم الصبر على إنفاذ الهدف، والوقوف في منتصف الطريق بسبب عدم القدرة على تحمل كلفة التغيير، وما يؤدي إليه من نتائج داهمة على من يحلمون بالتغيير، إذ لم يكن المشايخ يعلمون وهم يتخذون هذه الخطوة أنهم يتنازلون عن كفاحهم من أجل حكم مستقيم، ليتركوا لمحمد علي الفرصة ليصيغ معادلة حكمه كما يريد. وصلت الأخبار إلى محمد الألفي بالمنصورية بما آل إليه المشهد، ولحظتها قرر التحرك.

a

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوقوف في منتصف الطريق الوقوف في منتصف الطريق



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon