توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على نار هادئة

  مصر اليوم -

على نار هادئة

بقلم - د. محمود خليل

الله تعالى أعلم بالسرائر، لكن كل ما يُروى عن أبى سفيان من مشاهد بعد فتح مكة يدل على أنه آمن إيماناً سياسياً، فكونه شهد ألا إله إلا الله، فقد بدا فى ذلك مثل قومه الذين شهد لهم القرآن بأنهم يعلمون أن الله هو خالق السماوات والأرض، وأنهم اتخذوا أصنامهم زلفى إلى الله. وينص القرآن على ذلك فى قوله تعالى: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ». وكان أبوسفيان -مثل قومه- يقر بأن الله هو خالق البشر: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ».

ومنطق الأشياء يقول إن أبا سفيان الذى مثَّل واحداً من كبار المؤثرين فى قومه كان أشد تأثيراً على ولده الأثير «معاوية»، وقد كان ولده مثله من «حزب الطلقاء» وهو الحزب الذى تبوأ موقعاً أدنى بعد فتح مكة، التى سادها حزب السابقين من المؤمنين الأولين، وكان «الطلقاء» يعلمون أن تأخرهم عن الانضمام إلى ركب الرسول صلى الله عليه وسلم، سوف يعرقل أى طموح عاجل فى العودة إلى مركز السيادة السياسية على قريش كما تعودوا.

ويروى «ابن عبدربه» -صاحب العقد الفريد- أن «معاوية دخل على أبيه حين استعمله عمر رضى الله عنه على الشام، فقال له أبوه: يا بنى إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا، فرفعهم سبقهم وقصَّر بنا تأخرنا، فصرنا أتباعاً وصاروا قادة، وقد قلدوك جسيماً من أمرهم، فلا تخالفن أمرهم، فإنك تجرى لأمد لم تبلغه، ولو بلغته لتنفست فيه».

كلمة «الأمر» تدل على «الحكم والسيادة» أكثر مما تدل على «الدين والإيمان»، وتؤكد نظرة أبى سفيان -التى تبناها من بعده معاوية- إلى المسألة أنها سباق نحو الملك، وأن الفرصة لم تسنح بعد، ليتسيَّد بنو أمية المشهد بسبب تأخرهم عن الدخول فى الإسلام، وأن «معاوية» مطالب بألا يستبق الأحداث، وأن ينتظر لحظة تأتيه يستطيع أن يتنفس فيها على مقعد السلطة بصورة كاملة.

وتشهد الأحداث التاريخية التى توالت بعد ذلك أن معاوية كان يفهم الأمر، ويستوعب الرحلة التى يجب أن يخوضها، والخطة التى يجب أن يسلكها حق الفهم. وقد استطاع أن يجعل من الشام قاعدة انطلاق له نحو ملك العرب، وعاصمة للخلافة بعد أن ظفر بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على نار هادئة على نار هادئة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon