توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«محلاها عيشة الفلاح» كلمة «القرية»

  مصر اليوم -

«محلاها عيشة الفلاح» كلمة «القرية»

بقلم - د. محمود خليل

من الكلمات ذات الرنين الخاص على سمع المصريين، فأغلب أبناء المحروسة هم بالأصل فلاحون، ولست أظن أن أى لقاء بين أى شخصين يعيشان فى القاهرة يخلو من سؤال: «انت منين؟»، يقصد من أى قرية أو ناحية من نواحى ريف مصر.

قبل حركة يوليو 1952 امتلك حكام البلاد نظرة ازدواجية نحو الفلاحين، نظرة لها وجهان أحدهما سلبى والآخر إيجابى، وجه السلبية ارتبط بالنظرة الدونية للفلاحين الذين لا يرتقون فى مستواهم التربوى أو التعليمى أو الثقافى أو الاقتصادى أو الاجتماعى إلى حكام البلاد، وأغلبهم كان من أصول تركية أو جركسية، فكانوا يصفون الفلاح بأوصاف تحمل نوعاً من الاستهانة أو الاستخفاف به.

لك أن تستذكر نظرة أغلب حكام الأسرة العلوية للفلاح المصرى وكيف كان محمد على يصفهم بألفاظ عديدة لا تليق، ولك أيضاً أن تراجع مذكرات أحمد عرابى لتعرف مضمون نظرة طبقة الحكم فى ذلك الزمان للفلاح المصرى.

حدة النظرة السلبية للفلاح المصرى بدأت تقل نوعاً ما بعد انخراط العديد من العناصر المصرية الريفية فى دولاب الدولة الإدارى والثقافى والتعليمى والصناعى وغير ذلك.

فعرابى ضرب بحجر فى الماء الراكد الذى عاش فيه الفلاح المصرى لقرون حكمه فيها الترك والجركس، وأعاد له جزءاً من اعتباره، ثم ظهر سعد زغلول على مسرح السياسة فى مصر، وهو فلاح مصرى أيضاً، وساعدته الظروف على الزواج من ابنة أحد كبار باشوات عصره من ذوى الأصول التركية، وهى صفية هانم ابنة مصطفى باشا فهمى، رفض الباشا فى البداية تزويج ابنته من فلاح (كان وزيراً فى ذلك الوقت)، ووافق بعدها بضغوط من قاسم بك أمين فى أغلب الظن.

الواقع قبل عام 1952 كان يقول إن طبقة الحكم حملت نظرة سلبية واضحة للفلاح المصرى، لكن الغناء كان يقول شيئاً آخر.

فقد كانت الأغانى تكيل مواويل المديح فى الفلاح، وجمال حياة الريف، والنعيم الذى يتمرغ فيه أهله، والبُهلنية والخير الذى يعيشون فيه.

لك أن تتأمل أغنية عبدالوهاب «محلاها عيشة الفلاح» لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، التى تندر عليها ذات يوم واحد من أكبر وأهم الكتاب المصريين، الراحل الكريم الدكتور فؤاد زكريا، حين توقف أمام المفارقة بين محتوى الأغنية وواقع الفلاح.

الدراما أيضاً كانت تحتفى هى الأخرى بالفلاح وحياة الريف، راجع على سبيل المثال فيلم «ابن الفلاح»، وفيلم «الأفوكاتو مديحة»، واستمتع فى الفيلم الثانى بالخطب العصماء التى كان يلقيها يوسف بك وهبى فى مدح الفلاح ابن الفلاح.

التدليل الغنائى والدرامى للفلاح رغم بؤس أوضاعه، كما تشير العديد من الدراسات الجادة التى أجريت على هذه المرحلة، كان أساسه الدور الذى تلعبه الزراعة كعصب رئيسى للاقتصاد المصرى، الذى ارتكز حينذاك على تصدير الحاصلات الزراعية إلى الخارج، وعلى رأسها القطن والفواكه وغيرهما.

وبعيداً عن طبقة الحكم وتفكيرها كان الفلاح المصرى العادى، كما تشير الروايات والمؤرخات التى اعتنت برصد أحواله قبل يوليو 1952، يعيش حياة هادئة منتجة، ويعتبر المنغصات التى يعانيها جزءاً من طبائع الحياة التى لا تخلو من التعب والأوجاع، ويعتبر النظرة المتعالية إليه، من جانب طبقة الحكم، مسألة موروثة عن سنوات القهر التى عاشها آباؤه وأجداده، ولم تخل الحياة الهادئة من مغامرات اجتهد فيها فلاحون فى غزو القاهرة وإثبات وجودهم بين الكبار، ليعيدوا رسم الصورة الذهنية المغلوطة لدى طبقة الحكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«محلاها عيشة الفلاح» كلمة «القرية» «محلاها عيشة الفلاح» كلمة «القرية»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon