توقيت القاهرة المحلي 23:13:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بالسلام.. بدينا وانتهينا

  مصر اليوم -

بالسلام بدينا وانتهينا

بقلم - د. محمود خليل

"بالسلام إحنا بدينا بالسلام.. ردت الدنيا علينا بالسلام".. كل من عاصر السنوات الأخيرة من السبعينات وبداية الثمانينات يحفظ هذه الكلمات جيداً، من كثرة ما كانت تبث في الراديو والتليفزيون.

وهي من أغنية شدت بها "أم كلثوم" أواخر الخمسينات، عقب العدوان الثلاثي على مصر على الأرجح، من كلمات "بيرم التونسي" وألحان محمد الموجي، وكانت ممنوعة من الإذاعة بسبب اشتعال حلقات الصراع العربي الإسرائيلي، ثم تم استدعاؤها بشكل عاجل عقب توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، لتصبح الأغنية "نمبر وان" في الراديو والتليفزيون.

وكانت أم كلثوم عليها رحمة الله قد توفيت عام 1975.داخل أحياء مصر القديمة وفي قرى مصر ونجوعها كانت الكلمات تدوي والناس تسمع، ولا تجد بأساً في سلام يؤدي إلى استرداد الأرض، أو تحقيق الرخاء كما تعد الحكومة، وإن تشككوا في التزام الطرف الآخر بالسلام، وهو الذي بنى استراتيجيته على التوسع الاستعماري، كما لم يثقوا في وعود الحكومة، بسبب تجربتهم المحبطة معها في "لحس كلامها" بمجرد تمرير الموقف الذي تريد تمريره.

لم يكن المواطن العادي الذي دأب على العيش مع من حوله على "طبق واحد" يريد أكثر من "الستر"، أن يؤمن قوت يومه، ويعيش آمناً في سربه، معافى في بدنه، يجد الدواء الذي يخفف آلامه إذا مرض.

والأحاديث التي تسمعها عن أفراد هذا الشعب باتوا يميلون إلى الاستهلاك مع انطلاق سياسة الانفتاح، وقتلتهم التطلعات وغير ذلك ليست دقيقة إلى حد كبير، فغالبية الناس لم تكن تسعى إلا لما يسترها، وكان من يحقق الستر بالمعنى الذي أوضحته يغرق في نعمة الرضا، ولا يشغله شيئاً عنها، حتى ولو كان الاهتمام بالشأن العام.

فالناس كانت وما زالت على استعداد لترك أهل السياسة في حالهم، ما دامت حياتهم "مستورة" بالحد الأدنى المطلوب.

التطلع ولد وتربى وعاش في حضن طبقة الحكم أواخر السبعينات والثمانينات وما بعدها، وبدأت خريطة الحياة في مصر تتشكل تبعاً لتطلعات أفراد هذه الطبقة، التي ضمت متنفذين، ورجال أعمال، وسياسيين، ونجوم فن ورياضة ومجتمع، وأثرياء بالوراثة.

معادلة الأيدي الممتدة في طبق واحد والتي عاشها المصريون سنين عددا لم تعد تُعجب أفراد الطبقة الجديدة، وبدأوا يفكرون في المعادلة البديلة، المتمثلة في "الأطباق المتنوعة" التي تستأثر بها يد واحدة، أو أيد مخصوصة محدودة، هي أيدي طبقة الحكم ومن يدور في فلكها.في المقابل بدأ طبق الفقراء الذي تمتد إليه العديد من الأيدي يفرغ شيئاً فشيئاً، نتيجة الغلاء والعجز عن الشراء.

وأخذ الكثيرون من أبناء الأحياء الفقيرة في الريف والحضر يبحثون عن حلول لتحسين دخولهم. احترف بعضهم العديد من الحرف التي بدأت تدر على بعضهم مكاسب نتيجة العمل في المشروعات الجديدة، التي ارتبطت باستدعاء التجربة الاسماعيلية "تجربة الخديوي اسماعيل" أواخر عصر السادات، وخلال فترات من عصر مبارك، أما المتعلمون من أبناء الفقراء فوجدوا الحل في العمل لدى دول الخليج.بدأ شكل البنايات يختلف، فبعد الغرف المتجاورة، والعمائر القصيرة التي كانت تشكل خريطة السكن في مصر، إلى جوار المباني والقصور والفيلات الأثرية الموروثة عن عصور سابقة، ظهرت الأبراج السكنية، ومن بعدها الكومباوندات، التي تضم أبراجاً متطاولة، ثم الكومباوندات التي تضم فيلات. تستطيع أن تقول بأن مصر تم فكها على مصرين (قديمة وجديدة).

كل شىء في مصر أصبح فيه القديم والجديد، بما في ذلك طبق الطعام الواحد، الذي تفكك إلى عدة أطباق، وأصبحت هناك أطباق متنوعة متخمة، وأخرى فقيرة شحيحة، تتخطف منها الأيدي التي كانت بالأمس تطعم بعضها بعضا!كان ذلك أول حصاد "الرخاء" المربوط "بوعد السلام".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بالسلام بدينا وانتهينا بالسلام بدينا وانتهينا



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon