توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آخرة خدمة الغز علقة

  مصر اليوم -

آخرة خدمة الغز علقة

بقلم - د. محمود خليل

وصف «الغُز» كان شائعاً لدى أولاد البلد عند الحديث عن المماليك، على الرغم من أن حقائق التاريخ تقول إنهم لم يأتوا المحروسة غزاة، بل على يد سلاطين، ثم أمراء مماليك أمثالهم نالوا حريتهم، كانوا يشترونهم من النخاسين، ويضمونهم إلى تكتلاهم لينابذوا بهم أمراء آخرين، لكنهم فى النهاية كانوا غرباء، وقد تعود الأهالى النظر إلى كل غريب بقدر من الريبة، خصوصاً إذا كان غريباً محارباً.

اعتاد أمراء المماليك استعمال الأهالى فى إنجاز ما يريدون من أعمال عامة أو خاصة، ويدفعون لهم مقابل ذلك القليل، أو لا يدفعون شيئاً، عملاً بمبدأ السخرة، وقد ظل نظام السخرة قائماً فى مصر حتى ألغى فى عصر الخديو إسماعيل، بعد أن انخرطت مصر فى اتفاقيات دولية تفرض عليها ذلك.

وقبل هذا الزمان كان المماليك يسخّرون الأهالى لخدمتهم، والأجر على كيف الأمير، وقد ينال ابن البلد المسكين أجره بعد يوم عمل شاق فى صورة علقة ساخنة على يد الأمير وخدمه، فيعود إلى بيته وهو يردد بحسرة «آخرة خدمة الغُز علقة».وأغلب الظن أن تجربة المصريين مع المماليك «الجلبان» هى التى رسخت فى أذهانهم هذا المثل.

فوسط الفرق المختلفة من المماليك التى كانت ترتع فى بر مصر من «خاصكية»، وهم المماليك التابعون للسلطان الذى يحكم، و«قرانصة»، وهم مماليك السلاطين الذين توفوا، و«سيفية»، وهم مماليك الأمراء الذين توفوا، ظهرت مجموعات كبيرة من المماليك «الجلبان»، وأغلبهم وفد إلى البلاد بصورة غير رسمية (ليس من خلال أحد الأمراء أو السلاطين)، وتكاثر عددهم فى عهد الدولة الجركسية، وأصبحوا بمرور السنوات مصدر تهديد لأى سلطان يحكم، إذ كان ولاؤهم الأول لمصالحهم وما يمكن حصده من أموال وأسلاب من الأهالى سواء بإرادة السلطان أو على غير إرادته.

كان المماليك الجلبان يعتبرون الأهالى أملاكاً لهم، يستحلون مالهم ونساءهم وأشياءهم، وحتى مجهودهم كانوا يستحلونه بالسخرة ودون أى مقابل، ومن يعترض يأخذ كراه علقة ساخنة تتفصص فيها عظامه، لذا لم يشتهر مثل فى عصر المماليك كما اشتهر مثل «آخرة خدمة الغز علقة»، لكن للإنصاف كان من المصريين من يعكس هذا المثل، ويعيد صياغته قائلاً: «آخرة خدمة الغُز عز»، تجد ذلك حاضراً فى عمل أدبى أنتجه المبدع الراحل صلاح جاهين، تحول إلى عمل إذاعى شهير، عنوانه «المماليك».

تظهر الأم فى أحد المسامع وهى تنصح ولدها بالابتعاد عن العمل مع المماليك مرددة المثل الشهير: «آخرة خدمة الغُز علقة»، فيرد عليها ساخراً: «آخرة خدمة الغُز عز»، فقد كان الشاب مغرماً بألعاب المماليك فى الساحة، وامتلاكهم أدوات القوة، وأراد أن يصير جزءاً منهم، بحثاً عن التحقق والدور.

ربما كان المثل النقيض مرتبطاً ببعض الأمراء المماليك الأكثر إيماناً بالمسألة الأخلاقية، ممن طالت عشرتهم للأهالى، فتولدت فى قلوبهم محبة لهم، وصاروا يعاملونهم بالحسنى، ويجزون من يقوم لهم بعمل جزاءً موفوراً، ويعطونه أكثر من حقه، وتحولت خدمتهم بالتالى إلى سبب من أسباب العز.

ليس ثمة خلاف على أن الفجوة ما بين «العلقة» و«الغز» بعيدة، لكنها كانت تعبر عن المواقف المختلفة لأولاد البلد فى التعامل مع طبقة الحكم فى ذلك الزمان.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخرة خدمة الغز علقة آخرة خدمة الغز علقة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon