توقيت القاهرة المحلي 16:28:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آخرة خدمة الغز علقة

  مصر اليوم -

آخرة خدمة الغز علقة

بقلم - د. محمود خليل

وصف «الغُز» كان شائعاً لدى أولاد البلد عند الحديث عن المماليك، على الرغم من أن حقائق التاريخ تقول إنهم لم يأتوا المحروسة غزاة، بل على يد سلاطين، ثم أمراء مماليك أمثالهم نالوا حريتهم، كانوا يشترونهم من النخاسين، ويضمونهم إلى تكتلاهم لينابذوا بهم أمراء آخرين، لكنهم فى النهاية كانوا غرباء، وقد تعود الأهالى النظر إلى كل غريب بقدر من الريبة، خصوصاً إذا كان غريباً محارباً.

اعتاد أمراء المماليك استعمال الأهالى فى إنجاز ما يريدون من أعمال عامة أو خاصة، ويدفعون لهم مقابل ذلك القليل، أو لا يدفعون شيئاً، عملاً بمبدأ السخرة، وقد ظل نظام السخرة قائماً فى مصر حتى ألغى فى عصر الخديو إسماعيل، بعد أن انخرطت مصر فى اتفاقيات دولية تفرض عليها ذلك.

وقبل هذا الزمان كان المماليك يسخّرون الأهالى لخدمتهم، والأجر على كيف الأمير، وقد ينال ابن البلد المسكين أجره بعد يوم عمل شاق فى صورة علقة ساخنة على يد الأمير وخدمه، فيعود إلى بيته وهو يردد بحسرة «آخرة خدمة الغُز علقة».وأغلب الظن أن تجربة المصريين مع المماليك «الجلبان» هى التى رسخت فى أذهانهم هذا المثل.

فوسط الفرق المختلفة من المماليك التى كانت ترتع فى بر مصر من «خاصكية»، وهم المماليك التابعون للسلطان الذى يحكم، و«قرانصة»، وهم مماليك السلاطين الذين توفوا، و«سيفية»، وهم مماليك الأمراء الذين توفوا، ظهرت مجموعات كبيرة من المماليك «الجلبان»، وأغلبهم وفد إلى البلاد بصورة غير رسمية (ليس من خلال أحد الأمراء أو السلاطين)، وتكاثر عددهم فى عهد الدولة الجركسية، وأصبحوا بمرور السنوات مصدر تهديد لأى سلطان يحكم، إذ كان ولاؤهم الأول لمصالحهم وما يمكن حصده من أموال وأسلاب من الأهالى سواء بإرادة السلطان أو على غير إرادته.

كان المماليك الجلبان يعتبرون الأهالى أملاكاً لهم، يستحلون مالهم ونساءهم وأشياءهم، وحتى مجهودهم كانوا يستحلونه بالسخرة ودون أى مقابل، ومن يعترض يأخذ كراه علقة ساخنة تتفصص فيها عظامه، لذا لم يشتهر مثل فى عصر المماليك كما اشتهر مثل «آخرة خدمة الغز علقة»، لكن للإنصاف كان من المصريين من يعكس هذا المثل، ويعيد صياغته قائلاً: «آخرة خدمة الغُز عز»، تجد ذلك حاضراً فى عمل أدبى أنتجه المبدع الراحل صلاح جاهين، تحول إلى عمل إذاعى شهير، عنوانه «المماليك».

تظهر الأم فى أحد المسامع وهى تنصح ولدها بالابتعاد عن العمل مع المماليك مرددة المثل الشهير: «آخرة خدمة الغُز علقة»، فيرد عليها ساخراً: «آخرة خدمة الغُز عز»، فقد كان الشاب مغرماً بألعاب المماليك فى الساحة، وامتلاكهم أدوات القوة، وأراد أن يصير جزءاً منهم، بحثاً عن التحقق والدور.

ربما كان المثل النقيض مرتبطاً ببعض الأمراء المماليك الأكثر إيماناً بالمسألة الأخلاقية، ممن طالت عشرتهم للأهالى، فتولدت فى قلوبهم محبة لهم، وصاروا يعاملونهم بالحسنى، ويجزون من يقوم لهم بعمل جزاءً موفوراً، ويعطونه أكثر من حقه، وتحولت خدمتهم بالتالى إلى سبب من أسباب العز.

ليس ثمة خلاف على أن الفجوة ما بين «العلقة» و«الغز» بعيدة، لكنها كانت تعبر عن المواقف المختلفة لأولاد البلد فى التعامل مع طبقة الحكم فى ذلك الزمان.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخرة خدمة الغز علقة آخرة خدمة الغز علقة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon