توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجد «وهب»

  مصر اليوم -

الجد «وهب»

بقلم - د. محمود خليل

يصح النظر إلى وهب بن منبه كأول محترف لوظيفة الوعظ وسرد الحكايات فى تاريخ الإسلام. وهى تلك الوظيفة التى تمددت وتعمقت خلال المراحل المختلفة للتاريخ الإسلامى، خصوصاً فى العصرين الأموى والعباسى، حيث انتشر من كان يطلق عليهم حينذاك «الرواة والقصاصون» فى الأسواق وداخل المساجد، يعظون الناس فى قوالب قصصية.

كان هؤلاء يؤدون وظيفة أشبه بوظيفة «الدعاة والوعاظ» الذين تحتشد بهم اللحظة المعاصرة، وجلهم يجد أصلاً وجذراً له، لدى تلك الشخصية الخطيرة فى تاريخ الإسلام والمسلمين، شخصية «وهب بن منبه».

يقول «ابن كثير» فى تعريفه بـ«وهب بن منبه»: «تابعى جليل وله معرفة بكتب الأوائل، وهو يشبه كعب الأحبار، وله صلاح وعبادة، ويُروى عنه أقوال حسنة وحكم ومواعظ، قال الواقدى: توفى بصنعاء سنة عشر ومائة، وقال غيره بعدها بسنة وقيل بأكثر، والله أعلم، ويزعم بعض الناس أن قبره بقرية يقال لها عصم ولم يجد لذلك أصلاً.

لم يكن لابن كثير أن يذكر «وهباً» دون الإشارة إلى كعب الأحبار الذى تناولت دوره فى تشكيل خطاب التراث الإسلامى الأسبوع الماضى، فـ«وهب» يشكل الضلع الثانى من أضلاع المثلث الذى ضم كلاً من «كعب» و«وهب» و«عبدالله بن سلام»، بما لهذا الثالوث من أدوار محسوسة فى تشكيل بنية التراث الموروث عن الأجداد.

ثالوث الرواة هؤلاء ستجد أسماءهم حاضرة لدى العديد من الكتاب وهم يحدثونك عن الأسماء المتهمة بتسريب الكثير من الأفكار والمقولات التى تتعجب لها ومنها حين تقرأها داخل أغلب كتب التراث الإسلامى، فيما اصطلح على تسميته بـ«الإسرائيليات».

وليس ثمة من شك فى أن أهمهم على الإطلاق هو كعب الأحبار. تلك الشخصية العجيبة فى كيفية وتوقيت اعتناقها الإسلام، الغريبة فى رواياتها الملفتة لقصص الأنبياء، وإصرارها على حكاية كل شىء بالأرقام! (ركب مع نوح فى سفينته 72 نفساً).

أخبار عديدة رواها كعب الأحبار صدقها بعض معاصريه، قناعة منهم بأنه يملك الحقيقة المطلقة بسبب ما يكتنزه من أوراق التوراة، وتابعهم فى تصديقه أجيال متعاقبة من المسلمين حتى يوم الناس هذا، لكن ذلك لم يمنع بعض الصحابة من فضحه ومواجهته، أبرزهم كان «أبوذر الغفارى».

يمكنك أن تجد الكثير مما تقرأه عن شخصية «كعب الأحبار»، أما «وهب بن منبه» فإن المكتوب عنه قليل قياساً إلى «كعب»، رغم أن الأخير كان صاحب مدرسة فى الخطاب الوعظى، ما زال أثرها جارياً فى الواقع الذى نعيشه حتى اللحظة.

فوهب بن منبه ليس مؤسساً وفقط لوظيفة «الوعاظ والحكائين» التى يحترفها البعض فى حياتنا المعاصرة، بل يصح النظر إليه أيضاً كمؤسس لمجمل الخطاب الذى يرتكز عليه عمل هؤلاء.

ثلاث ثنائيات اعتمد عليها خطاب «الوعظ والحكايات» لدى «وهب»: أولها ثنائية العابد والشيطان، وثانيها ثنائية الحور العين والإنسان، وثالثها ثنائية الموت والحياة.

واعتمد الجد «وهب» على نفس الأداة التى يركن إليها أحفاده من الوعاظ والدعاة الحاليين، وهى «رواية القصص» بغض النظر عن اتساقها أو تناقضها مع العقل أو المنطق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجد «وهب» الجد «وهب»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon