توقيت القاهرة المحلي 15:50:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«عاد».. وفائض القوة

  مصر اليوم -

«عاد» وفائض القوة

بقلم - د. محمود خليل

أكثر ما ميز قوم عاد عن غيرهم من الأقوام هو الشعور بـ"فائض القوة".. يقول الله تعالى في وصفهم: "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون".

فائض القوة أخطر مرض يمكن أن يصيب الفرد أو الجماعة أو المجتمع، ونهايته المحتومة هي الزوال، وواقع التجربة الإنسانية يقول أن أية قوة تختبر نفسها لابد أن تخسر، وذلك بالضبط ما حدث لقوم "عاد".

وأهل عاد هم أول من عبد الأصنام بعد طوفان نوح: "واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح".

وقد حدد القرآن الكريم مؤشرات القوة التي تمتعوا بها في قوله تعالى: "أتبنون بكل ريع تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين".

امتلاك أدوات القوة غرت أهل عاد، وتحددت مؤشرات التطاول في أمرين: الأول الفخفخة في البنيان دون حاجة إلى ذلك، ليصبح البناء تعبيراً عن القوة، وليس عن الوظيفة، وتلك قمة العبث، والثاني التجبر على غيرهم بأقصى درجات "الافتراء".. يقول الله تعالى في وصف قوم عاد: "واتبعوا أمر كل جبار عنيد".

وقد أرسل الله تعالى إليهم نبيه "هود" يعظهم ويحاول أن يصحح معتقدهم ويردهم إلى عقيدة التوحيد، وينذرهم بعقاب الله إن أصروا على ما هم فيه.

والملفت أن أصحاب المنطق المريض من أهل عاد صرخوا في وجه "هود" لما دعاهم إلى ذلك قائلين: "قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة".

تخيل أن محدودي العقل والقدرة يصفون من يدعوهم إلى ترك عبادة حجر لا يضر ولا ينفع بـ"السفاهة"، أما هم فـ"عقلاء" راشدون! أوضح نبي الله "هود" لأهله في "عاد" أن كل غايته هي النصح لهم، وأنه يشفق عليهم من مآلات ما هم عليه، ودعاهم إلى الاحتكام إلى العقل والتفكير فيما يدعوهم إليه: "يا قوم لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون".

وكعادة من نسوا الله في كل زمان ومكان طلب أهل عاد من نبيهم "هود" أن يأتيهم بما يعدهم من عذاب بسبب صدهم وصدودهم عن سبيل الله: "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين".

مثل قوم عاد في ذلك كمثل من يقول لشخص آخر يدعو على من ظلمه: أنت تدعو على ظالمك ولا يستجيب الله لك، وكأن الإنسان يشترط على الله حين يدعو بأن يحدد زمن ومكان القصاص. المسألة ليست كذلك فالله تعالى هو الذي يحدد الطريقة والزمان والمكان الذي يعاقب فيه.

لذا فقد رد عليهم "هود" رداً منطقياً للغاية كما يحكي القرآن: "قل إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به لكني أراكم قوماً تجهلون".

لقد أتت العقوبة حين أراد الله، فأرسل عليهم ريحاً وصفها القرآن بـ"العقيم"، بما يتناسب مع عقم تفكيرهم وزناخة عقلهم: "وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شىء أتت عليه إلا جعلته كالرميم".. ريح أرسلها الله عليهم دمرت عناصر القوة التي تباهوا بها بالأمس، أرسلها عليهم الرب القدير، جبار السماوات والأرض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عاد» وفائض القوة «عاد» وفائض القوة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon