توقيت القاهرة المحلي 15:50:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وشك أصفر ليه يا عكر؟

  مصر اليوم -

وشك أصفر ليه يا عكر

بقلم - د. محمود خليل

وشك أصفر ليه يا عكر.. وروحك هتطلع يا كاذب؟.. لم تشتهر عبارة إذاعية خلال فترة الخمسينات، كما اشتهرت هذه العبارة والتي جاءت على لسان القاضي الذي فصل بين "عوف الأصيل" و"سيد طبوش العكر" في الاتهام الكاذب الذي وجهه الثاني إلى الأول بسرقة عقد مملوك له، فلما فضح الله كذبه اصفر وجهه، أنشد القاضي: سبجان مظهر الحق وقال له ما قال.. لعلك تتذكر الصورة الغنائية الجميلة: "عوف الأصيل".

حكاية الألوان واحدة من أشهر الحكايات مع الوجوه المصرية، وهي تنهض كدليل جديد على نفي صفة "الصمت" عنها، فهي تتلون بشكل يعبر عن مشاعرها أو إحساسها بالمواقف المختلفة التي يعيشها أصحابها.

مؤكد أنك سمعت أحدهم يصف غيره في موقف معين بأن "وشه اصفر واخضر"، وهو يشرح حالة الاضطراب التي أصابته.

وتعتبر الثقافة المصرية أن "تصفير الوجه" من المعايب، والمقصود بها التسبب في إحراج الشخص، والقيم الموروثة عن الآباء والأجداد تقول في مثل هذه الأحوال أن من يعيب على شخص أمراً، لابد أن يسر له فيما بينهما، دون أن يفضحه أمام الناس.

ولو أنك رجعت إلى الصورة الغنائية "عوف الأصيل" فسوف تجد أن بطل القصة "عوف" لم يصفر وجه "طبوش العكر"، حتى حين اتهمه كذباً بالسرقة، فقد طلب من القاضي أن يسر إليه بكلمة فيما بينهما، وانتهى الحوار إلى قول "العكر": "قلة أصلي هي اللي خلتني أعمل كده.. عاوز حاجة تاني؟"، لكن الله شاء تصفير وجه "العكر" حين انفضح كذبه.

الملفت أن مسألة عدم الإحراج والبعد عن تصفير وجوه الآخرين تعطلت كثيراً منذ أواخر الستينات وأوائل السبعينات. فالوجه المصري أصبح مصفراً، ولم يكن الصفار -في أحوال- يستحيل إلى خضار، كما كان يردد الأجداد، بل إلى سواد.

ولو أنك بحثت -على سبيل الاستئناس- في عناوين وموضوعات الأفلام العربية التي راجت خلال هذه الفترة، فسوف تجد أن كلمة "فضيحة" كانت حاضرة فيها بشكل ملحوظ.

من ذلك على سبيل المثال: فيلم "فضيحة في الزمالك"، وفيلم "البحث عن فضيحة".

أصبح أسهل شىء بالنسبة للكثيرين هو إحراج غيرهم، بل تعمد إحراجهم، وأصبحت الألفاظ المحرجة التي تحمر لها وجوه المهذبين حاضرة في الأفلام والمسرحيات، وزحفت بتؤدة نحو الدراما التليفزيونية وأصبحت تدخل البيوت، وامتدت أيضاً إلى لغة الإعلانات، وأمست الأسئلة التي يطرحها الصغار وتحمر لها وجوه الآباء والأمهات شائعة.

رحلة الألوان التي يتلون بها الوجه المصري كان الأصل فيها الاحمرار الناتج عن الخجل، وانتهت إلى الصفار، حين أصبحت تنطق بالحرج، وجلد الآخر، وتحقير الذات، وغير ذلك من أمور تصفّر الوجه.

الأخطر أن خداع الآخرين والنصب عليهم صار سلوا، بان أثره في المعبرات الثقافية مثل المسلسلات والأفلام، وأتخمت صفحات الحوادث بأخبار تنقل حيل النصب وأحواله.

ونسي المصريون مثلاُ كان حاضراً في المخيلة الشعبية لسنوات يربط بين الوش والغش، يقول صانعه "قل له في وشه ولا تغشه"، وكأن لسان حالهم أصبح "غشه في وشه".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وشك أصفر ليه يا عكر وشك أصفر ليه يا عكر



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon