توقيت القاهرة المحلي 15:40:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الموتى يحكمون الأحياء

  مصر اليوم -

الموتى يحكمون الأحياء

بقلم - د. محمود خليل

أحوالى متقلبة.. أشعر فى لحظة بالراحة وفى أخرى بالتعب.. أسعل أحياناً ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى.. وفى أحيان أشعر أن الهواء يتسرب إلى رئتى بسهولة.. يسأل آدم الصغير جده: متى أستقر على حال؟.. فيجيبه: الحياة لا تستقر على حال.. والأيام متقلبة.. والدنيا كما تعطى تأخذ.. وكما تأخذ تعطى.تقلّب مصطفى مع الدنيا عقب رحيل أبيه.. عاش بقلب ميت وعقل حى.. اختار تجارة البارود خلافاً لرغبة أمه بأن يتاجر فى التوابل، حين حدثته أن أباه كان يحلم بذلك. اختار «تجارة الموت» وربح أموالاً كثيرة منها.. قدم رشاوى للجميع بدءاً من الصغار وانتهاء بكبار رجال البلاط لجمع معلومات عما حدث لأبيه ولتسهيل صفقاته فى الحصول على البارود فى الوقت نفسه.

عرف أن «الترجمان» كان ضحية مؤامرة مزدوجة ما بين عز الدين الألفى المملوك الجركسى.. وسليمان باشا مدير قلم الإيرادات الذى كان يعمل به «الترجمان».. أجّل انتقامه من الاثنين إلى أن يعرف أين ترقد عظام أبيه.. سافر وسأل ودفع فى كل الاتجاهات، لكنه لم يصل إلى شىء.

- مصطفى: دلينى يا أمى.. ماذا أفعل؟.. لقد سافرت ورحت وجئت.. ولم يرو أحد ظمئى بكلمة تهدينى إلى المكان الذى ترقد فيه عظام أبى.

- الشامية: أبوك بين يدى رحمن رحيم.. ولا يهم أين ترقد عظام الإنسان.. المهم أن تكون روحه محلقة فى جنان الخلد.. عظام أبيك آواها ماء النيل.. وروحه عند بارئها.

- مصطفى (بغضب): تريدين منّى أن أتخلى عن عظام أبى.. الرجل الذى أعطانى الدرس فى التعلق بعظام أبيه إلى حد ترك بلده الذى جاء منه؟.. لو انطبقت السماء على الأرض لن أتوقف عن البحث حتى أهتدى إلى ما أريد.

- الشامية: كله بإرادة ربنا ومشيئته.. إذا كان المكتوب ألا تعرف.. فمهما بحثت لن تصل إلى شىء.. وإذا كانت الأخرى فسوف يأتيك الخبر من حيث لا تدرى ولا تعلم.

- مصطفى (ساخراً): سأراه فى المنام ويدلنى.. يا أمى المال هو الساحر الذى يأتى بالأعاجيب.. يحوّل الصعلوك إلى باشا والباشا إلى صعلوك.. يحوّل العبد المملوك الذى كان يباع بالأمس فى سوق النخاسة إلى حاكم بأمره يستعبد الأكرمين وبنى الأكرمين.. لو أدرك أبى هذه الحقيقة لجمع مالاً كثيراً يحميه من الكلاب.

- الشامية: لم يرد أبوك الدنيا.

- مصطفى: ولا أنا أريدها.. أريد فقط الثأر لمن قتل مظلوماً.. أريد عندما ألقاه فى الآخرة أن أقول له لقد أخلصت لعظامك كما أخلصت أنت لعظام أبيك.يتعجب «آدم الحفيد» من شأن «مصطفى» المستعد لخسارة ماله كله ليعرف أين يرقد عظم أبيه.. ومن قبله «الترجمان» الذى ترك حاله وماله فى بلده المغرب وقرر العيش فى القاهرة لما احتضن ترابها عظام أبيه.. يقول لجده آدم:

- الشاب (ساخراً): يا جدى.. هل رحلة عائلتنا كلها بحث عن عظم؟.. هل يعقل أن يضيع مال ويتشرد رجال وتحدث أهوال من أجل عظام موتى؟.. بصراحة.. جنان رسمى.

- الشيخ: أجدادك كانوا يبحثون عن ماضٍ يشدهم.. يبحثون عن تاريخ يمنح الجدوى لحاضرهم.. الماضى وكل ما ينتمى إليه له قيمته وقدسيته.. إن إناءً كان الأطفال يعبثون به فى القرن الخامس عشر يصبح أثراً ذا قيمة يدفع فيه المال الكثير فى القرن الحادى والعشرين.. فما بالك بعظام الأجداد؟.. كان خطؤه الأكبر إفراط الثقة فى المال.إنهم الموتى الذين يحكمون الأحياء.. والمال الذى يلعب بعقول الرجال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموتى يحكمون الأحياء الموتى يحكمون الأحياء



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon