توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإيمان «درع واقٍ»

  مصر اليوم -

الإيمان «درع واقٍ»

بقلم - د. محمود خليل

لحظات عصيبة عديدة مر بها «النحاس باشا» لكنه تمكن من عبورها بإيمانه وذوبانه فى المزاج الدينى الحاكم للمصريين. وليس هناك أصعب على الإنسان من لحظة يواجه فيها الموت. وما أكثر ما قابل الزعيم الشعبى هذه اللحظة، حيث تعددت محاولات اغتياله؛ مرة بالرصاص، ومرات بالمتفجرات، ونجا من كل محاولة منها بصورة تثير العجب.

واحدة من هذه المحاولات قادها الرئيس أنور السادات -رحمه الله- وحكى تفاصيلها فى كتابه «البحث عن الذات»، حين حاول مع مجموعة من أعضاء جماعة «الحرس الحديدى»، التابعة للملك، اغتيال «النحاس باشا». وكان ذلك فى ذكرى مولد النبى، صلى الله عليه وسلم، وقد تعود الزعيم أن يلقى بهذه المناسبة خطبة فى النادى السعدى. تربص «السادات وحسين توفيق» بسيارة الزعيم، وبمجرد تحركها من بيته بجاردن سيتى ألقى «حسين توفيق» قنبلة يدوية عليها، ولكن حدث فى اللحظة نفسها أن تباطأت السيارة بسبب اعتراض ترام مسرع لها، فانفجرت القنبلة ولكن بعيداً عن سيارة «النحاس». يقول «السادات»: «كان فارق السرعة ست ثوان لا أكثر.. لكنها كانت كافية لنجاة النحاس».

كان «النحاس» قد ناهز الستين من عمره، حين تعرض لهذه المحاولة، وكان يعانى من أزمة سياسية كبيرة بسبب توليه رئاسة الحكومة على أسنة حراب الإنجليز، حين حاصرت دباباتهم قصر الملك فاروق، وأجبرته على إصدار تكليف للنحاس باشا بتشكيل الحكومة (حادثة 4 فبراير 1942)، وهو أمر أغضب الملك كثيراً، وغضب معه العديد من ضباط الجيش، وعلى رأسهم ضباط الحرس الحديدى، الجماعة التى كان يرعاها ويمولها الملك، وتقوم بالاغتيالات السياسية لحسابه.

وقد عبر الضباط عن رفضهم لهذا الإملاء الإنجليزى من خلال مظاهرة تحركوا فيها إلى قصر عابدين، هتفوا فيها باسم الملك وأعلنوا عن ولائهم له ودفاعهم عنه، وعبروا بالتوازى عن غضبهم من «النحاس»، ويومها حياهم الملك من شرفة القصر، كما يحكى أنور السادات فى كتابه «البحث عن الذات»، ثم كانت محاولة التخلُّص من الزعيم عبر إطلاق قنبلة يدوية عليه، يوم الاحتفال بمولد النبى، صلى الله عليه وسلم، وشاء الله أن ينجو منها.

يحكى «النحاس باشا» فى مذكراته عن محاولة اغتيال أخطر وأشد عنفاً تعرض لها بعد ذلك، وتحديداً فى عام 1948، يقول فى تفاصيلها: «فى ليلة مظلمة وساعة متأخرة وأنا نائم فى فراشى بوغت بصوت انفجار هائل مدمر وقع على منزلى وهدم أركانه، وأطار زجاج النوافذ، وهدم الجدران، ووقعت قنابل الديناميت على المنزل فى كل مكان، فاستيقظت مذعوراً وسمعت صراخ حرمى، فذهبت إلى حجرتها فوجدت شظايا الزجاج قد ملأت يديها، ونظرت إلى الدور الأول للمنزل فإذا بى أفاجأ ببواب المنزل وأسرته صرعى تسيل دماؤهم وتفارقهم الحياة».

بإمكانك أن تستخلص عمق الإحساس الإيمانى لدى «النحاس باشا» عبر تأمل هذه الكلمات التى علَّق بها على هذا الموقف العصيب الذى تعرض له. يقول «النحاس»: «كانت قدرة الله سبحانه وتعالى وعظمة جلاله ورحمته بعبد يعرف له حقه ويؤدى واجبه لم تطلق فى عهده رصاصة على وطنى ولا سعى فى ضرر إنسان ولا فرط فى حق من حقوق ربه ولا حقوق وطنه. وشاءت قدرة الله أن تنزل قطعتان كبيرتان من الديناميت الذى نسف المنزل على «الناموسية» التى كنت أنام تحتها وأمامى كتاب الله على «الكمودينو»، سقطت هاتان القطعتان فتعلقت إحداهما بخيط الناموسية الرقيق ولم تسقط على رأسى ولم تود بحياتى، ولو سقطت لأصابتنى فى مقتل».

وصدق الله العظيم حين يقول: «فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيمان «درع واقٍ» الإيمان «درع واقٍ»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon