توقيت القاهرة المحلي 16:35:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإيمان «درع واقٍ»

  مصر اليوم -

الإيمان «درع واقٍ»

بقلم - د. محمود خليل

لحظات عصيبة عديدة مر بها «النحاس باشا» لكنه تمكن من عبورها بإيمانه وذوبانه فى المزاج الدينى الحاكم للمصريين. وليس هناك أصعب على الإنسان من لحظة يواجه فيها الموت. وما أكثر ما قابل الزعيم الشعبى هذه اللحظة، حيث تعددت محاولات اغتياله؛ مرة بالرصاص، ومرات بالمتفجرات، ونجا من كل محاولة منها بصورة تثير العجب.

واحدة من هذه المحاولات قادها الرئيس أنور السادات -رحمه الله- وحكى تفاصيلها فى كتابه «البحث عن الذات»، حين حاول مع مجموعة من أعضاء جماعة «الحرس الحديدى»، التابعة للملك، اغتيال «النحاس باشا». وكان ذلك فى ذكرى مولد النبى، صلى الله عليه وسلم، وقد تعود الزعيم أن يلقى بهذه المناسبة خطبة فى النادى السعدى. تربص «السادات وحسين توفيق» بسيارة الزعيم، وبمجرد تحركها من بيته بجاردن سيتى ألقى «حسين توفيق» قنبلة يدوية عليها، ولكن حدث فى اللحظة نفسها أن تباطأت السيارة بسبب اعتراض ترام مسرع لها، فانفجرت القنبلة ولكن بعيداً عن سيارة «النحاس». يقول «السادات»: «كان فارق السرعة ست ثوان لا أكثر.. لكنها كانت كافية لنجاة النحاس».

كان «النحاس» قد ناهز الستين من عمره، حين تعرض لهذه المحاولة، وكان يعانى من أزمة سياسية كبيرة بسبب توليه رئاسة الحكومة على أسنة حراب الإنجليز، حين حاصرت دباباتهم قصر الملك فاروق، وأجبرته على إصدار تكليف للنحاس باشا بتشكيل الحكومة (حادثة 4 فبراير 1942)، وهو أمر أغضب الملك كثيراً، وغضب معه العديد من ضباط الجيش، وعلى رأسهم ضباط الحرس الحديدى، الجماعة التى كان يرعاها ويمولها الملك، وتقوم بالاغتيالات السياسية لحسابه.

وقد عبر الضباط عن رفضهم لهذا الإملاء الإنجليزى من خلال مظاهرة تحركوا فيها إلى قصر عابدين، هتفوا فيها باسم الملك وأعلنوا عن ولائهم له ودفاعهم عنه، وعبروا بالتوازى عن غضبهم من «النحاس»، ويومها حياهم الملك من شرفة القصر، كما يحكى أنور السادات فى كتابه «البحث عن الذات»، ثم كانت محاولة التخلُّص من الزعيم عبر إطلاق قنبلة يدوية عليه، يوم الاحتفال بمولد النبى، صلى الله عليه وسلم، وشاء الله أن ينجو منها.

يحكى «النحاس باشا» فى مذكراته عن محاولة اغتيال أخطر وأشد عنفاً تعرض لها بعد ذلك، وتحديداً فى عام 1948، يقول فى تفاصيلها: «فى ليلة مظلمة وساعة متأخرة وأنا نائم فى فراشى بوغت بصوت انفجار هائل مدمر وقع على منزلى وهدم أركانه، وأطار زجاج النوافذ، وهدم الجدران، ووقعت قنابل الديناميت على المنزل فى كل مكان، فاستيقظت مذعوراً وسمعت صراخ حرمى، فذهبت إلى حجرتها فوجدت شظايا الزجاج قد ملأت يديها، ونظرت إلى الدور الأول للمنزل فإذا بى أفاجأ ببواب المنزل وأسرته صرعى تسيل دماؤهم وتفارقهم الحياة».

بإمكانك أن تستخلص عمق الإحساس الإيمانى لدى «النحاس باشا» عبر تأمل هذه الكلمات التى علَّق بها على هذا الموقف العصيب الذى تعرض له. يقول «النحاس»: «كانت قدرة الله سبحانه وتعالى وعظمة جلاله ورحمته بعبد يعرف له حقه ويؤدى واجبه لم تطلق فى عهده رصاصة على وطنى ولا سعى فى ضرر إنسان ولا فرط فى حق من حقوق ربه ولا حقوق وطنه. وشاءت قدرة الله أن تنزل قطعتان كبيرتان من الديناميت الذى نسف المنزل على «الناموسية» التى كنت أنام تحتها وأمامى كتاب الله على «الكمودينو»، سقطت هاتان القطعتان فتعلقت إحداهما بخيط الناموسية الرقيق ولم تسقط على رأسى ولم تود بحياتى، ولو سقطت لأصابتنى فى مقتل».

وصدق الله العظيم حين يقول: «فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيمان «درع واقٍ» الإيمان «درع واقٍ»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon