توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيد الخطباء

  مصر اليوم -

سيد الخطباء

بقلم - د. محمود خليل

المصريون ميّالون إلى محبة الشخصيات التى تجيد مغازلة أذنهم. فعبر تاريخهم احتلت الشخصيات التى تجيد الخطابة مكانة خاصة لديهم. على رأس الخطباء الذين احتلوا مكانة خاصة فى الأذن المصرية -وكذا العقل والوجدان الجمعى- سعد باشا زغلول، زعيم زعماء ثورة 1919، النحاس باشا أيضاً كانت له مقدرة على الخطابة، لكن الواضح أن مكرم باشا عبيد فاقه فى هذا المجال.

والأصل فى إجادة الخطابة هو التكوين التعليمى والثقافى والفكرى، وقد نال مكرم عبيد تعليماً رفيع المستوى، سواء فى المرحلة التى قضاها فى المدارس فى مصر، أو خلال رحلة تعليمه فى إنجلترا، ثم فرنسا.

رحلة التعليم ساهمت فى تكوين مكرم عبيد الثقافى والفكرى بصورة لافتة، أكسبته مهارة فى مخاطبة أبناء كل ثقافة، تبعاً لوعيه بأفكارهم وأساليب تفكيرهم.العمل بالسياسة أيضاً يطور ملكة الخطابة لدى صاحبه، وتتعمق المسألة أكثر إذا أتيح لرجل المشاركة فى العمل الدبلوماسى، وقد جمع مكرم باشا ما بين الحسنيين: السياسة والدبلوماسية.تعالَ بعد ذلك إلى أهم مهارة لا بد أن تتوافر فى الخطيب، وهى إجادة التعبير باللغة التى يتحدث بها الجمهور، والوعى بما يحرك عقلهم ووجدانهم عند الاستماع والعزف على أوتاره.

واللغة هنا هى اللغة العربية، أما الجمهور فهو الجمهور المصرى الذى تطربه اللغة النابضة المعبرة المؤثرة.وقد كان حظ مكرم باشا عبيد من إجادة اللغة العربية كبيراً، وتدفقت ملكتها داخل عقله ووجدانه وفوق لسانه بسخاء كبير، أما وعيه بجمهور مستمعيه من أبناء الشعب المصرى فحدّث ولا حرج، لأن الرجل كان ذائباً فى الشعب الذى خرج منه ذوباناً كاملاً.

حرص «مكرم باشا» على تطوير ملكته اللغوية بشكل متواصل ومستمر. تحكى منى مكرم عبيد -ابنة شقيق مكرم- أنه استغل فترة وجوده فى المنفى فى سيشيل فى إثراء لغته العربية واستغل فى ذلك وجوده مع عاطف بركات، الذى كان فيما مضى ناظراً لمدرسة القضاء الشرعى، وقد ساعد «مكرم» كثيراً، وعلى مدار عامين، فى تأكيد فصاحته فى اللغة العربية، حتى قدر له أن يصبح واحداً من أشهر الخطباء فى تاريخ الحياة السياسية المصرية.

يقول فؤاد سراج الدين واصفاً المهارة الخطابية لمكرم باشا: «كان خطيباً يشار إليه بالبنان، بل كانت الجماهير تصر على سماعه فى كل مناسبة وحفل سياسى، وكان يسامرهم ببلاغة وقراءة القرآن وحفظ بعض آياته، وكان يستشهد ببعضها فى خطبه، مما كان يزيدها قوة وروعة».

حتى يوم الناس هذا ما زال الكثيرون يرددون عبارات نحتها مكرم باشا عبيد، لعل أبرزها قولته الشهيرة: «نحن مسلمون وطناً مسيحيون ديناً»، وهى عبارة تعكس وعياً رائقاً للفارق بين معتقد الإنسان وهو مسألة فردية وعلاقة تربط بين العبد وخالقه، والله تعالى رحيم بكل عباده، مهما اختلفت معتقداتهم، وبين الثقافة السائدة، وهى مسألة اجتماعية لا بد أن يستوعبها من يمارس عملاً عاماً.

لم يكن مكرم باشا يجد غضاضة فى أن يستدل على ما يريد من معانٍ بآيات من القرآن الكريم. وفى إحدى المرافعات سأله أحدهم: أنت قبطى وتردد آيات من القرآن؟ فأجاب: أنا أقول بما تؤمن به المحكمة.

رحم الله سيد الخطباء مكرم باشا عبيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيد الخطباء سيد الخطباء



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon