توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة «زيد وزينب»

  مصر اليوم -

أزمة «زيد وزينب»

بقلم - د. محمود خليل

نأتى إلى واحدة من الزيجات التى أثير حولها الكثير من اللغط وهى زيجة النبى من زينب بنت جحش، وهى ابنة عمة النبى، وزوجة زيد بن حارثة، الذى تبناه صلى الله عليه وسلم وأصبح ينادى بـ«زيد بن محمد»، ثم زوّجه من زينب، رغم اعتراض الأخيرة وشقيقها على ذلك، إذ لم يرض الاثنان أن تتزوج «زينب» ذات الحسب والنسب والجمال من شخص له تاريخ سابق فى العبودية، ولعلك تستخلص من ذلك إصرار النبى على تخليص الفكر المكى السائد حينها من النظرة الدونية إلى العبيد، وتأكيده على أن الإسلام يساوى بين البشر ولا يفاضل بينهم إلا بميزان التقوى، وهى واحدة من الأفكار الأساسية التى يرتكز عليها التصور الإسلامى.

بعد زواج «زيد» من «زينب» حدث ما هو متوقع فى مثل هذه الزيجات التى تتم على غير رغبة الفتاة، فدبت خلافات عديدة بين الزوجين، كانت تدفع بـ«زيد» إلى الشكوى للرسول، فيطلب منه الرسول أن يصبر وأن يمسك عليه زوجه: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ».

يتصور بعض الساذجين أن المقصود بقوله تعالى «وتخفى فى نفسك ما الله مبديه» العاطفة المكبوتة من جانب النبى نحو زينب بنت جحش، وأنه كان يحبها ويرغب فى الزواج منها، لكنه يخشى كلام الناس. ولا تجد رداً على هذا الهذيان أفضل من الرد الذى قدمه «محمد الغزالى» -رحمه الله- فى كتابه: «فقه السيرة». تساءل الغزالى: من كان يمنع محمداً من الزواج بزينب وهى قريبته من قبل أن يزوجها لزيد؟ النبى هو الذى ساقها إلى رجل لم تكن راغبة فيه، وطيّب خاطرها لترضى به! أفبعد أن يقدمها لغيره يطمع فيها؟ إنهم يقولون إن الذى كان يخفيه النبى فى نفسه ويخشى فيه الناس دون الله هو ميله لزينب، أى أن الله بزعمهم يعتب على النبى لعدم تصريحه بهذا الميل أو الحب؟!

كلام «الغزالى» منطقى للغاية.. فهل يلوم الله تعالى فى علياء سمائه رجلاً لأنه كتم حبه لامرأة رجل متزوج؟ هل يلوم الله البشر على عدم إعلانهم عن تجارب الحب الطائشة؟ المؤكد أن لوم الخالق العظيم لنبيه يتعلق بأمر آخر، يتمثل فى إحساس التأذى الذى شعر به حين أمره الله بترك زيد يطلق زينب ليتزوجها من بعده. كان النبى متأذياً من الأمر، ويخشى أن يقول الناس إنه أمر ابنه بالتبنى بطلاق زوجته ليتزوجها هو، فتراخى فى تنفيذ أمر الله، وذلك ما لامه الله تعالى عليه.

لقد أراد الله تعالى أن يهدم نظام التبنى ويلغيه، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يخشى من ردة فعل الناس على ذلك: «فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَى لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً». والمسألة فى الأول والآخر هى إرادة إلهية بإبطال عادة سيئة يتمسك بها الناس، تتمثل فى التبنى، بما تؤدى إليه من مشكلات اجتماعية، وقرر القرآن الكريم بشكل صريح أن محمداً ليس أبا أحد من رجال مكة أو المدينة: «ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شىء عليماً».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة «زيد وزينب» أزمة «زيد وزينب»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon