توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

  مصر اليوم -

«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

بقلم - د. محمود خليل

الآية الأولى التي حكى عنها القرآن الكريم بعد "طوفان نوح" تمثلت في "عاد.. قوم هود"، وهي تقدم نموذجاً على حالة المجتمعات التي لا ترى غضاضة في سيطرة ثقافة "التجبر العنيد" على واقعها: "واتبعوا أمر كل جبار عنيد". وأكبر مظهرين لهذه الثقافة كما عبر عنهما القرآن، هما "الطغيان والفساد".العلاقة بين الطغيان والفساد أساسية. فالطغيان يؤدي إلى سيطرة الفساد على الواقع، وسيادة الفساد جوهرها غياب العدالة وفساد الذمم والضمائر، وأيضاً العقول.. وذلك أصل الطغيان.يصف الله تعالى حال قوم عاد وغيرهم بقوله: "الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد". الطغيان معناه ببساطة ظلم الآخر، وانتقاص حقوقه، وأكلها بالباطل. أما الفساد فمعناه البعد عن الاستقامة في التعامل مع معطيات الحياة، بدءاً من البيئة التي يعيش فيها الإنسان، وانتهاءاً بالعبث بمقدرات البشر، والاستئثار بها، وحرمان الآخرين منها.كل ذلك كان يحدث في "مجتمع عاد" رغم أن بعضهم شهد ما حدث لأهل الأرض أيام نوح، أو يعلم عما حدث. لم يلتفت أي منهم إلى النتائج المترتبة على ذلك، وتركوا الأمور تسير على أعنتها، ومن أنكر منهم ذلك خاف مواجهة السائد.أرسل الخالق العظيم إشارة إلى "عاد هود"، تمثلت في توقف المطر عن الهطول فوق أراضيهم لثلاث سنوات متتالية، وتسببت هذه الحالة في الكثير من الخسائر لهم، وساءت أحوالهم بصورة لم يعهدوها من قبل. لحظتها لم يتوقف أحد ليسأل هل ثمة سبب في الأداء يفسر ما يحدث، أم أنها مجرد صدفة؟ الواضح أن الرأي "العادي" استقر على الإجابة الثانية، واعتبر ما يحدث أمراً عارضاً من خارج الأداء.ولا تجد دليلاً على ذلك أصدق مما يحكيه القرآن الكريم عن العقاب الذي حل على "قوم عاد"، فقد تمثل في الغيث الذي ينتظرونه، لكن القرآن وصف هذا المشهد وصفاً عجيباً في قوله تعالى في سورة الأحقاف: "فلما رأواه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم".العارض هو السحاب -كما تعلم- لكن ثمة علاقة بين هذا الوصف القرآني لما تراكم في السماء من قطرات مياه، وفكرة "الأمر العارض"، وهو الأمر غير المتوقع أو المرتب له أو المحكوم بعامل من خارج الأداء. كان "قوم عاد" يستعجلون نزول المطر، وقد فرحوا كثيراً لتلك السحابة التي استقبلت أوديتهم فجأة، وصرخوا جميعاً: هذا هو المطر الذي ننتظره، لكن إذا بصوت الحقيقة يدوي من داخلهم، حين رأوا أن هلاكهم يكمن فيما كانوا ينتظرونه: "بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم".في اللحظات التي كان يحذر فيها "هود" عليه السلام قومه مما يمكن أن يحيق بهم جراء ما وصلوا إليه من "تجبر عنيد" كانوا يضحكون عليه، وكلما مر الوقت يسألونه: "لماذا لم يحدث ما توقعته لنا؟" وكأنهم يستعجلون العذاب: "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين".انتهى المشهد بآية من آيات الله.. ذهب فيها "قوم عاد" مع الريح.. "ألا بعداً لعاد قوم هود".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ألا بعدًا لعاد قوم هود» «ألا بعدًا لعاد قوم هود»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon