توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

  مصر اليوم -

«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

بقلم - د. محمود خليل

الآية الأولى التي حكى عنها القرآن الكريم بعد "طوفان نوح" تمثلت في "عاد.. قوم هود"، وهي تقدم نموذجاً على حالة المجتمعات التي لا ترى غضاضة في سيطرة ثقافة "التجبر العنيد" على واقعها: "واتبعوا أمر كل جبار عنيد". وأكبر مظهرين لهذه الثقافة كما عبر عنهما القرآن، هما "الطغيان والفساد".العلاقة بين الطغيان والفساد أساسية. فالطغيان يؤدي إلى سيطرة الفساد على الواقع، وسيادة الفساد جوهرها غياب العدالة وفساد الذمم والضمائر، وأيضاً العقول.. وذلك أصل الطغيان.يصف الله تعالى حال قوم عاد وغيرهم بقوله: "الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد". الطغيان معناه ببساطة ظلم الآخر، وانتقاص حقوقه، وأكلها بالباطل. أما الفساد فمعناه البعد عن الاستقامة في التعامل مع معطيات الحياة، بدءاً من البيئة التي يعيش فيها الإنسان، وانتهاءاً بالعبث بمقدرات البشر، والاستئثار بها، وحرمان الآخرين منها.كل ذلك كان يحدث في "مجتمع عاد" رغم أن بعضهم شهد ما حدث لأهل الأرض أيام نوح، أو يعلم عما حدث. لم يلتفت أي منهم إلى النتائج المترتبة على ذلك، وتركوا الأمور تسير على أعنتها، ومن أنكر منهم ذلك خاف مواجهة السائد.أرسل الخالق العظيم إشارة إلى "عاد هود"، تمثلت في توقف المطر عن الهطول فوق أراضيهم لثلاث سنوات متتالية، وتسببت هذه الحالة في الكثير من الخسائر لهم، وساءت أحوالهم بصورة لم يعهدوها من قبل. لحظتها لم يتوقف أحد ليسأل هل ثمة سبب في الأداء يفسر ما يحدث، أم أنها مجرد صدفة؟ الواضح أن الرأي "العادي" استقر على الإجابة الثانية، واعتبر ما يحدث أمراً عارضاً من خارج الأداء.ولا تجد دليلاً على ذلك أصدق مما يحكيه القرآن الكريم عن العقاب الذي حل على "قوم عاد"، فقد تمثل في الغيث الذي ينتظرونه، لكن القرآن وصف هذا المشهد وصفاً عجيباً في قوله تعالى في سورة الأحقاف: "فلما رأواه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم".العارض هو السحاب -كما تعلم- لكن ثمة علاقة بين هذا الوصف القرآني لما تراكم في السماء من قطرات مياه، وفكرة "الأمر العارض"، وهو الأمر غير المتوقع أو المرتب له أو المحكوم بعامل من خارج الأداء. كان "قوم عاد" يستعجلون نزول المطر، وقد فرحوا كثيراً لتلك السحابة التي استقبلت أوديتهم فجأة، وصرخوا جميعاً: هذا هو المطر الذي ننتظره، لكن إذا بصوت الحقيقة يدوي من داخلهم، حين رأوا أن هلاكهم يكمن فيما كانوا ينتظرونه: "بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم".في اللحظات التي كان يحذر فيها "هود" عليه السلام قومه مما يمكن أن يحيق بهم جراء ما وصلوا إليه من "تجبر عنيد" كانوا يضحكون عليه، وكلما مر الوقت يسألونه: "لماذا لم يحدث ما توقعته لنا؟" وكأنهم يستعجلون العذاب: "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين".انتهى المشهد بآية من آيات الله.. ذهب فيها "قوم عاد" مع الريح.. "ألا بعداً لعاد قوم هود".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ألا بعدًا لعاد قوم هود» «ألا بعدًا لعاد قوم هود»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon