توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصري «البحت»

  مصر اليوم -

المصري «البحت»

بقلم - د. محمود خليل

القارئ لكتاب «عباس الثانى» الذى كتبه «اللورد كرومر» ونشره بعد عزل الخديو عام 1914 يدرك أنه من مواليد 4 يوليو 1874، وقد عرف هذه المعلومة، كما يحكى، من شيخ تركى خدم فى قصر الخديو «توفيق باشا» سنين طويلة.

عباس حلمى هو أكبر أنجال الخديو توفيق الذى وقع فى عصره الاحتلال الإنجليزى لمصر عام 1882، وجده هو الخديو إسماعيل نجل إبراهيم باشا نجل الوالى الكبير محمد على.

الأيام الأخيرة للخديو توفيق قضاها مريضاً بقصره فى حلوان -مكان الاستشفاء فى ذلك الزمان- يشرف على علاجه طبيب ألمانى، أعلن بعد يأسه من شفائه، أنه لم يتبقّ له سوى ساعات فوق ظهر الدنيا. توفى «توفيق»، وقرر اللورد كرومر بعد اجتماع عقده مع مصطفى باشا فهمى، رئيس النظار فى ذلك الوقت، نقل السلطة مباشرة إلى ولده الأكبر «عباس» وأبرق إلى الآستانة بالقرار حتى يصدر الفرمان اللازم للتولية.

واللافت أن عباس حلمى تولى السدة الخديوية بالحساب الهجرى وليس بالحساب الميلادى، وذلك لأول مرة فى تاريخ الأسرة العلوية، وهو ما تكرّر بعد ذلك مع الملك فاروق.

وقد نبّه أحد المشايخ اللورد كرومر للأمر حين وجده متحيراً فى عمر البرنس عباس، الذى لم يكن قد بلغ بعد الأعوام الـ18 اللازمة لتوليه السلطة، وقد أعجبت الفكرة «كرومر» وانطلق يحسب عمر «عباس» بالأشهر المحمدية كما يحكى، فوجد أنه بلغ الـ18 قبل أربعة أشهر من وفاة الخديو توفيق.

يتعجّب القارئ لكتاب «عباس الثانى» حين يقرأ أول انطباع سجّله اللورد كرومر عن الخديو الشاب، ويقول فيه: «إنى أرى الخديو الشاب مصرياً بحتاً».

ويشرح هذا الانطباع بعد ذلك، مشيراً إلى أن ميول الخديو المصرية كانت مبهمة وغامضة، لكنها لم تكن حتى ذلك الوقت ضد إنجلترا، بل كانت ضد السلطنة العثمانية، وأشار إلى أن الشاب أراد أن يخرج من دائرة التابع للمتبوع التى كان يشعر بها نحو الدولة العلية.

«مصرى بحت».. لا أظن أن اللورد كرومر أراد أن يشير بهذه العبارة إلى شىء أكثر من «التعصّب للذات»، بما يعنيه من رغبة فى الاستئثار أو الاستفراد بمصر.. فوصف «مصرى» هنا لا يعبّر عن مزاج أو ولع بشخصية، أو إحساس بالانتماء، قدر ما يعبّر عن رغبة خديو شاب فى أن يستقل بمصر لوحده، بعيداً عن الدولة العثمانية، وعن الدولة الإنجليزية.

لا نستطيع الزعم بأن البرنس الشاب كان يعرف الكثير عن مصر أو شعبها، قبل أن يتولى حكمها، فلم يكن يقيم فيها بشكل دائم، بل يتنقل بينها وبين الآستانة، وحين توفى أبوه «توفيق» كان فى فيينا، وعاد منها سريعاً، ليتولى الحكم.

لكن يبقى أن طموح الاستقلال بمصر الذى غازل عقل ووجدان الخديو الشاب كان مؤسساً على وعى من نوع ما بالمزاج المصرى، إنها مجموعة من المعادلات التى أدرك الخديو الشاب أنها تحكم المزاج الشعبى فاجتهد فى العمل عليها، فأحبه أفراد الشعب حباً كبيراً، وظلوا يتغنّون باسمه خلال حياته، وبعد عزله من الحكم، وحتى بعد رحيله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصري «البحت» المصري «البحت»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon