توقيت القاهرة المحلي 16:35:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الباحث عن عظام أبيه

  مصر اليوم -

الباحث عن عظام أبيه

بقلم - د. محمود خليل

نوبة سعال تجتاح «آدم الصغير».. يُردد بصوت واهن: صدرى يتمزّق.. تشخص أمامه صورة أمه، وهى تقول: لقد حذرتك «التدخين سوف يأكل رئتيك.. كل خلية تفسد تحاول إفساد الخلايا التى تجاورها.. وهى تنظر إلى منفضة السجائر: كل هذه الأعقاب؟».. يظهر له صورة جده آدم الكبير وهو يقول: ويل للأعقاب من النار.. اللهفة تشعل النار فى القلب الموجوع.. فما الحال إذا قضت المشيئة بأن تكون حياة إنسان وسط النار؟

- الشاب (وهو يسعل): يا جدى أنا أحدّثك عن السعال.

- الشيخ (وهو يضع يده على صدر آدم الصغير): يهدأ بإذن الله.

- الشاب: أخيراً أشعر ببعض الراحة.. ياااااااه.. لحظة واحدة من ضيق النفس تُنسى البنى آدم سنين طويلة من نعمة التنفس الحر.

- الشيخ: بدأت تتعلم من التجربة.. تماماً مثلما تعلم جدك مصطفى من تجربته.. انظر: يظهر مصطفى «ابن حسن الترجمان» جالساً فى داره وحوله مجموعة من الأهل والأحباب.. الحزن يكسو وجهه.. يُردّد عبارة واحدة فى مواجهة السؤال الفضولى المتكرر من جانب المحيطين به: «أين اختفى الترجمان».. «لا أعرف».. شوهد أمام بوابة القلعة، وعند مدخل «سراى الحلمية» يسأل البوابين والحرس عن أبيه.. وأين يا تُرى ذهب؟.. ولا مجيب.. حتى من كان لديه علم بما جرى.. طوى صدره على ما يعلمه خوفاً من مصير مجهول يشبه مصير «الترجمان».

فى ليلة من ليالى القهر على الزوج الغائب والأب المفقود.. جلس مصطفى إلى جوار أمه الشامية صامتين، وفى قلبيهما من الحزن ما فيهما.. قال مصطفى وهو يتشبّث بقشة أمل:

- مصطفى: اسمعى يا أمى.. سأذهب إلى سراى ولى النعم غداً.. وأقفز من فوق سورها.. وأرتمى تحت أقدام الوالى سعيد باشا.. وأستحلفه بالله أن يساعدنا فى معرفة أى شىء عن أبى.

- الأم: لا تحلم يا ولدى بأن يدلك اللص على المكان الذى يخفى فيه سريقته.- مصطفى: ماذا تقصدين يا أمى؟

- الأم: لا أقصد شيئاً.. الله تعالى عليم بالسر وما هو أخفى.. استرح يا ولدى.. وفوض الأمر إلى الله.. ولا تسأل أحداً سواه.

- مصطفى: تريدين منى أن أترك أبى هكذا ولا أبحث عنه؟.- الأم: أبوك بين يدى الله.

- مصطفى: لا تقولى ذلك.. حتى ولو كان.. أليس من واجبى أن أعرف أين ترقد عظامه؟.. نسيتى أن أبى قرّر ألا يعود إلى المغرب بلده لما دُفن جدى هنا فى البر؟.

- الأم (باكية): يا ولدى كل هذا لا يفيد.. إذا قضت إرادة الله أن تعثر على قبر أبيك فسوف يحدث هذا دون بحث منك.. وإذا قضت مشيئته بغير ذلك فسيظل مجهولاً مهما بحثت.. المهم الآن أن تختار عملاً لنفسك وتبدأ رحلة الحياة.

- مصطفى: سأعمل فى نفس وظيفة والدى.. لقد علمنى الفرنسية حتى أتقنت الترجمة عنها.. سأطلب العمل فى بلاط الوالى.

- الأم: إياك والسلطان.. إياك وبلاط السلطان.. كفى الذى دفعه أبوك ثمناً لهذا القرب.

- مصطفى: لكن يا أمى..

- الأم مقاطعة: أطعنى.. واكسب رضائى عنك.

كانت الشامية ترتعد من أن يُلدغ ابنها من نفس العقرب الذى لدغ أباه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الباحث عن عظام أبيه الباحث عن عظام أبيه



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon