توقيت القاهرة المحلي 07:32:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كشكش بك»

  مصر اليوم -

«كشكش بك»

بقلم - د. محمود خليل

شخصية "كشكش بك" أشهر شخصية فنية قدم بها "نجيب الريحاني" نفسه إلى الجمهور، ويحكي الفنان المبدع في مذكراته أن صورة هذه الشخصية الكاريكاتورية قفزت في ذهنه في ظرف عانى فيه من سوء الأحوال، حيث طردته العديد من الفرق المسرحية من جنتها، وصرخ المسئولون عنها في وجهه بأنه لا يصلح للتمثيل.

رسم الفنان الشخصية المبتكرة في خياله لتقدم عمدة من أثرياء الريف، أتى إلى القاهرة فبهرته أضواء المدينة، والتفت حوله الحسناوات طمعاً في ماله، وأخذن يسحبن ما في جيبه، الجنيه تلو الآخر، حتى تركوه على الحديدة.

كتب "الريحاني" اسكتش مدته 20 دقيقة يشتمل على هذه الحدوتة، ويحكي، في مذكراته، أنه حادث نفسه -قبل أن يرفع الستار عن الرواية- قائلاً: "أحسست حينذاك أن روايتي هذه تعتبر مثلاً أعلى في السخافة، وأنني لو كنت بين الجمهور أثناء تمثيلها لما وسعني إلا أن ألعن أبو خاش المؤلف، والمؤلف بالطبع هو أنا، والمخرج برضه أنا.. والملحن أنا".

فوجىء "الريحاني" بعد تمثيل الرواية أن الجمهور أعجب بها أشد الإعجاب، وعلّمت في رأسه شخصية كشكش بك، وإفيهاته، وحواديته.صاحب أي عمل إبداعي لا يستطيع أن يتوقع أثر عمله على الجمهور.

فالعمل من وجهة نظر صاحبه قد يكون جيداً بل ومتميزاً، ورغم ذلك لا يصادف قبولاً أو إعجاباً من جانب الجمهور. وقد يراه عكس ذلك ضعيفاً لا يضيف شيئاً ذا قيمة، لكنه يجد صدى كبيراً لدى متابعيه، فيعجبهم كل الإعجاب، كما حدث مع نجيب الريحاني.

فكل جديد ملفت.. وقد كانت شخصية "كشكش بك" جديدة كل الجدة على ساحة المسرح في ذلك الوقت، وكل ما هو إنساني يجد طريقه إلى الإنسان، والبشر جميعاً شركاء في العدو وراء متع الدنيا، وإنفاق ما يملكون على ما يرغبون، حتى إذا فرغ مالهم عضوا أصابع الندم على ذلك.

وبالتالي فقد حملت شخصية "كشكش بك" خلطة إنسانية تسكن أخاديد نفس الكثيرين.

وكل ما كوميدي يكتسب قيمة خاصة في الظروف الصعبة، وقد تعاصر ظهور شخصية "كشكش بك" مع الأوجاع والأزمات التي عاناها المصريون أثناء الحرب العالمية الأولى.

في كل الأحوال يبقى الوعي بالجمهور جوهراً من جواهر نجاح المبدع، أياً كان مجال الإبداع، بل قل إن الوعي بالجمهور يمثل الأساس الأهم لنجاح أي فرد أو جهة تتعامل معه.

واحترام اتجاهات الجمهور ورغباته وتفضيلاته واجب على من يقدم عملاً جماهيرياً، سواءاً في دنيا السياسة أو الاقتصاد أو الفن، و غيرها.

ولا يوجد شىء اسمه: إيقاع الجمهور مضبوط على ساعة يد فلان، أو أن علاناً يمتلك راداراً أو حساساً خاصاً يستشعر به اتجاهات الجمهور ورغباته.

ولنا في عم نجيب الريحاني مثل، فرغم أن الرجل كان مندمجاً كل الاندماج مع الناس العاديين في المسارح والمقاهي، والقرى والمدن، ومنغمساً بين أبناء الطبقة العليوي والشعبيين، والمصريين والأجانب الذين يعيشون في مصر، والكتاب والفنانين، والصعاليك والكبراء، وغير ذلك، إلا أنه لم يجرؤ على القول بأنه يستشعر نبض الجمهور، وحين أبدع شخصية "كشكش بك" بتوليفتها الشهيرة داخله خوف من ألا تلفت الانتباه، وتشكك في نجاحها في لحظات.

ادرسوا الجمهور واستطلعوا رأيه، وتعرفوا على اتجاهاته بشكل علمي، بعيداً عن الفهلوة وأحاديث الرادارات والحساسات، وغير ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كشكش بك» «كشكش بك»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon