توقيت القاهرة المحلي 07:41:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العقل والوجدان «الميتان»

  مصر اليوم -

العقل والوجدان «الميتان»

بقلم - د. محمود خليل

الحرص على الحياة والرضاء بها حتى ولو كانت تفتقد الشروط المطلوبة للعيشة الآدمية يعكس "رؤية صنمية" لها.

وقد اشتملت الآية الكريمة التي تتحدث عن هذه المسألة على إشارة واضحة إلى موضوع الشرك: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا".

لا تمثل "الصنمية" مجرد حالة عبادة لـ"تماثيل حجرية"، بل هي كما تعلم، أعمق من ذلك بكثير.

فتقديس أي شخص أو شىء أو فكرة في الحياة يعني ببساطة نوعاً من "الصنمية" في التفكير، وهي حالة لابد أن تؤدي، بصورة أو بأخرى، إلى "موت الإنسان بالحياة".

الأحباء يمكن أن يتحولوا إلى أصنام مقدسة لدى الإنسان، على سبيل المثال: حب الأب أو الأم للأولاد يجب ألا يحولهما إلى آلة شقاء تسعى وتكد ليل نهار من أجل توفير المال لهم، لتوفير ما يلزم وما لا يلزم.

محبة الأولاد جزء من فطرة الإنسان، بشرط الا تتحول إلى مرض يصبح معه الآباء والأمهات ميتين بالحياة، التوازن مطلوب، وثمة فارق كبير بين محبة الأولاد من ناحية وتقديسهم من ناحية أخرى.

فكل مخلوق يسعى في الحياة مظللاً برحمة خالقه، والله تعالى أرحم بالبشر من آبائهم وأمهاتهم.تقديس فكرة أيضاً يعكس نوعاً من "الصنمية" التي تعطل قدرة الإنسان على التفكير بأفق أوسع، حين يصبح أسير الفكرة المقدسة لديه.

وكل فكرة في هذه الحياة قابلة للنقد والتحليل والتقييم والقبول والرفض، بل ويجب أن يكون الإنسان من المرونة، بحيث يقبل بمبدأ المراجعة، من حين إلى آخر، وإلا بات عقله أشبه بالماء الراكد الآسن، ضرره أكثر من نفعه.

والركود -كما حكيت لك- يمثل أصلاً من أصول الموت بالحياة، وتكون المصيبة كبيرة حين يتعلق بالعقل. وشىء عجيب أن يرتضي البعض الحياة بعقل ميت.والأمر نفسه ينطبق على فكرة تقديس الأشخاص.

فالبشر جميعاً شركاء في قاعدة الصواب والخطأ، ولا يوجد إنسان يملك الحكمة أو الحقيقة المطلقة، وقديماً قال "ديكارت" أن العقل هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس.

وتجارب الدنيا تقول أن الحياة لا تتوقف على شخص، بل تستمر على أية حال، وأي حديث عن أن وجود "فلان أو علان" يمثل ضمانة من ضمانات الحياة، وأن استمراره يمثل ضرورة وجودية يعكس مستوى من أكثر مستويات التفكير سخافة، وهو أحد المسارات التي تؤدي إلى العيش بوجدان ميت، يفقد الإنسان معه شعوره بالحياة، ويمسي فيها ميتاً ولو كان يسعى في طرقاتها.

تقديس الحياة نفسها يؤدي إلى "الموت بالحياة"، لأنه لا يستقيم مع وعي الإنسان بزوالها.

فالدائم فقط هو من له القداسة، وكل ما هو زائل فلا قداسة له، وما دامت الحياة زائلة فعلى الإنسان أن يمشي عليها هوينا، احتراماً لقاعدة: "وكل ما فوق التراب تراب"، ويعلم أنه لا محالة زائل مثلما زال آباؤه وأجداده، وأن يترجى ممن له الدوام حسن الخاتمة والمثوبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل والوجدان «الميتان» العقل والوجدان «الميتان»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon