توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آلام «حنة» وميلاد «الصدِّيقة»

  مصر اليوم -

آلام «حنة» وميلاد «الصدِّيقة»

بقلم - د. محمود خليل

الصديقة مريم ابنة عمران امرأة وُلدت فى حضن الألم وعاشت به وتقدست فى محرابه.. وكان الألم بالنسبة لها طريق الحرية.. حرية الإنسان.. وبعد رحيلها عن الحياة تحولت إلى أيقونة مواساة للمتألمين، تشرق بنورها عليهم فتمسح جراحاتهم، وتبث السلام فى نفوسهم، وتمنحهم خبز الأمل فى تحرير الروح، لتنخلع من عبودية الأرض وتحلق فى آفاق السماء.

ميلادها كان حلماً فى حوصلة طائر، أبصرته أمها «حنة بنت فاقوذ» ذات يوم يحلق فى السماء ثم يحط على شجرة، فيخرج له فرخه الصغير، ويفتح فمه طالباً الطعام، فتميل عليه أمه بحنان وتطعمه.

العمر يجرى ومع جريانه يتراجع الأمل فى أن يكون لها طفل تأنس إليه، ويملأ عليها حياتها.

نظرت إلى الطائر وهو يطعم صغيره، ثم تحول بصرها إلى السماء، ودعت ربها القدير العظيم الحنان المنان أن يحقق حلمها ويرزقها بطفل، ونذرت إن استجاب الله لدعائها أن تهبه خادماً لمعبده.

«رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».الحياة كما تأخذ تعطى، وكما تعطى تأخذ، وقد شاء الله تعالى أن يموت الزوج «عمران»، فى نفس اللحظات التى كانت «مريم» تتشكل جنيناً فى بطن أمها، وقال البعض إنه مات بعد ميلاد «مريم» بقليل.

مات «عمران» وشعرت «حنة» بألم عظيم فتَّت قلبها وشعور عميق بالوحدة، ولم تكن تجد الأنس إلا حين يتحرك الجنين الراقد داخل أحشائها، ليمنحها أملاً جديداً فى الحياة.

أخذت تحصى الأيام وتعد الليالى حتى حانت لحظة الوضع.

«فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».

تمنت «حنة» الولد وأراد الله أن يكون مولودها أنثى، لقد نذرت جنينها الذى لا تعرف كنهه لخدمة محراب الله ورعايته، وهو أمر ظنت الأم أنه لا يقوى عليه إلا ولد، فالذكر لا يعتريه ما يعترى الأنثى من فترات تعب، ولا يماثلها فى ضعف التكوين، لم يكن يحمل حديث «حنة» أى نوع من التوقف أمام قضاء الله وقدره، لكنه أمل داعبها، وتصور سكن عقلها غذته ثقافة زمانها ومكانها، وأدركت بمرور الوقت الدرس الذى أراد الخالق العظيم أن يعلمه للبشر، وهو أنه لا فارق بين ذكر وأنثى، وأن العبرة دائماً فى خدمة الحياة هو الإرادة والعزم، والأساس فى خدمة رسالة السماء هو الإيمان.

ليس للبنيان الذكورى أو الأنثوى معنى عند حضور العزم والإرادة.. فهما وحدهما المعياران الأكثر موضوعية للقوة التى يجللها الإيمان. وميلاد الصديقة مريم فى رحم الألم منحها قوة وعزم قل أن يؤتاه الرجال، وغلالة الرقة التى غلفت روحها جعلتها أشد إحساساً بألم الغير.. كما أن تفرغها للعبادة منذ أن أبصرت عيناها الحياة أهلتها لحمل كلمة الله والنور الذى خرج من أحشائها إلى العالم حاملاً بشارة السلام والمحبة.

«وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آلام «حنة» وميلاد «الصدِّيقة» آلام «حنة» وميلاد «الصدِّيقة»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon