توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الحسن».. وطريق الإصلاح

  مصر اليوم -

«الحسن» وطريق الإصلاح

بقلم - د. محمود خليل

الحسن بن على بن أبى طالب من الشخصيات التى لم تحظ بما تستحقه من اهتمام من جانب كُتّاب التراث الإسلامى، ولا حتى الكُتّاب المحدثين، خلافاً، على سبيل المثال، لشقيقه «الحسين»، رضى الله تعالى عن السبطين.

فأمام كل سطر كُتب عن «الحسن» تجد عشرات، إن لم يكن مئات، الأسطر التى كُتبت عن «الحسين».

ربما كان السر فى ذلك طبيعة الدور الذى لعبه كل منهما، والتركيبة النفسية التى ميزت أحدهما عن الآخر خلال الصراع المحتدم بعد استشهاد أبيهما الخليفة الرابع على بن أبى طالب.تحرك «الحسن» فى هذا الصراع من أرضية مختلفة، فقد رأى أن يتنازل عن الخلافة التى آلت إليه لمعاوية بن أبى سفيان، حقناً لدماء المسلمين، بما يتسق مع شخصيته الإصلاحية الميّالة إلى تجنيب الناس الحرب، وما يترتب عليها من مآسٍ ومحن، فى حين تحرك «الحسين» بشخصية ثورية مثالية تحلم برسم صورة أكثر خيرية للعالم المحيط به، حتى ولو كان الطريق إلى ذلك محفوفاً بالأحزان والآلام.

كلاهما فى النهاية أدى دوره الذى هيّأته له الأقدار.ويبقى أن «استمرارية» الحسين بن على فى الوجدان الجمعى المسلم حتى اللحظة الحالية مرده توغل لحظة الألم التى انتهت بها حياته الشريفة بجذورها فى الأرض، لتنبت بعدها شجرة روتها أول ما روتها دماء العائلة النبوية، إنها الشجرة التى لم تزل تثمر العديد من الصراعات من جيل إلى جيل من المسلمين حتى اللحظة المعيشة.

لم يمنح التاريخ لشخصية الحسن الإصلاحية نفس المقدار من الاهتمام الذى منحه لشخصية الحسين الثورية، ويبدو أن المأساة الكبرى التى انتهت بها حياة الحسين، بما تمتلكه من قدرة على استثارة المخيلة الشعبية، وما عكسته من حلم قديم متجدد بإعادة رسم صورة العالم ليصبح أكثر عدلاً كانت السر وراء ذلك، فى حين تجد المعادلة الإصلاحية التى تبناها «الحسن» أقل قدرة على إلهاب خيال الناس، رغم أنها المعادلة السائدة فى الحياة، والتى تضطر كل الأطراف المتصارعة للرجوع إليها، مهما طال بها أمد الصراع.

عمر الحسين «الثائر» كان أطول من عمر «الحسن» المصلح، لا لشىء إلا لأن الثائر يملك «حلماً» يطارده الناس جيلاً بعد جيل، دون أن يحققوه أو ينعموا فى ظلاله ولو لبعض الوقت، أما المصلح فشخص يتحرك من أرض الواقع، إذ يجتهد فى فهم الظروف المحيطة به وتقييمها، ويحاول بعدها الوصول إلى حل وسط، يقدم فيه تنازلات حتى يدفع خصمه إلى التعامل بالمثل، لتهدأ الأوضاع بعدها.

كان يسمع تهجم من حوله عليه، وتسفيههم لخطوته، واتهامهم له بالضعف والاهتزاز والتردد فى مواجهة خصمه رغم امتلاكه جميع الأدوات التى تمكّنه من ذلك.

سمع ذلك وأكثر وهو حى يسعى بين الناس، ورغم ذلك، ورغم يقينه أيضاً بأن خصمه يتربص به ويتحيّن اللحظة التى يتخلص فيها منه، صمم على السير فى طريق الإصلاح، وحين مات على يد خصمه صعد إلى ربه راضياً بأن تكون حياته ثمناً لحقن دماء الآلاف من المسلمين، وحماية أطفالهم من اليتم، وأزواجهم من الترمل، وآبائهم وأمهاتهم من الحزن القاتل على أولادهم.

والسؤال: هل يمكن أن تجد نموذجاً للنبل أعظم من ذلك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحسن» وطريق الإصلاح «الحسن» وطريق الإصلاح



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon