توقيت القاهرة المحلي 07:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تأملات «النبي» وأحزانه

  مصر اليوم -

تأملات «النبي» وأحزانه

بقلم - د. محمود خليل

لا تتوافر معلومات متماسكة حول فترة الصبا أو شباب النبى صلى الله عليه وسلم.. كل ما هو متاح من معلومات فى هذا السياق يؤكد أن محمداً كان شاباً مستقيماً أو قُل نموذجاً للاستقامة فى مجتمع كان أكثر الشباب فيه ميالين إلى متع الدنيا، وعبثية الدين. تستطيع أن تستدل على ذلك من مراجعة ما ورد لدى «ابن كثير» فى كتابه «البداية والنهاية» عن شباب عمر بن الخطاب، وهو يحكى قصة إسلامه. فهو يشير إلى أن «عمر» حكى أنه خرج ذات يوم ليشرب الخمر مع مجموعة من أصدقائه، فلم يجد منهم أحداً، فقرر الذهاب إلى خمارة لعله يجد غايته فيها، ذهب ولم يجد عند الخمار خمراً، قرر لحظتها الذهاب إلى الكعبة والطواف حولها، فطاف سبعاً أو سبعين -لم يحدد- وإذا به يرى النبى صلى الله عليه وسلم قائماً يصلى.

شباب مكة حينذاك كان أكثر همهم شرب الخمر والاجتماع فى مجالس الأنس واللهو، فإذا لم يجدوا ذهبوا إلى الكعبة وطافوا بها، كما فعل عمر بن الخطاب، حين لم يجد صحبته. إنها النظرة العبثية إلى الحياة على اعتبار أنها حالة من حالات اللهو، وكذلك النظرة العبثية إلى الدين، تعتبر العبادات نوعاً من التسلية أو الإلهاء أو التتويه عن الواقع.

لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم كذلك، بل اشتهر بين قومه فى شبابه باستقامة أخلاقه، إلى حد أن لقبوه بـ«الصادق الأمين»، بل واحتكم إليه كبارهم فى بعض المواقف، لما هو مشهود له من الحكمة. والمؤكد أنهم كوَّنوا عنه هذا التصور بعد خبرة وتجربة، أضف إلى ذلك ما لمسوه فيه من جدية وجدت ترجمتها فى اعتنائه بالعمل. فلم يكن النبى من أصحاب الثروات أو الوارثين الذين يغنيهم مالهم عن العمل والسعى.

من المعلوم أن النبى عمل فى صباه برعى الغنم، وفى شبابه اشتغل بالتجارة، فشارك مع عدد من الشباب الجادين من أمثاله فى تجارة السيدة خديجة، وقد تمكن من اكتساب مكانة أكبر لدى السيدة الثرية، بسبب ما أثبته من كفاءة وإخلاص وأمانة فى العمل.

كلتا الحرفتين اللتين عمل بهما النبى فى صباه وشبابه هيَّأته لأن يصبح شخصية متأملة، تطيل النظر والتفكير فى الواقع من حولها، وفيما وراء هذا الواقع، تنظر إلى الأرض وتتابع أحوال أهلها، وتشرئب بعنقها إلى السماء سائلة الهدى واليقين، وأكثر ما يورثه التأمل فى النفس هو الحزن النبيل على أحوال المحيطين بالشخص.

انظر إلى هند بن أبى هالة -الذى رباه النبى- كيف يصفه صلى الله عليه وسلم قائلاً: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان دائم الفكرة ليست له راحة، لا يتكلم فى غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، يتكلم بجوامع الكلم فصل لا فضول ولا تقصير».

الحزن خصلة من خصال الشخصية المتأملة، ومنذ شبابه صلى الله عليه وسلم كان كثير التأمل، وكان يخلو إلى نفسه بالأيام -حتى قبل البعثة- داخل غار حراء، يفكر فى شأن العالم من حوله. كان طويل التفكير فى الأمور، لذلك يسجل «هند» ملاحظة «ليست له راحة»، فطول التفكير يرهق صاحبه، ويجعله زاهداً فى الحديث من غير حاجة. وكان صلى الله عليه وسلم إذا تكلم اعتمد على اللغة المكثفة والجمل القصيرة العاجلة التى تنقل عظيم المعلومات فى أقل عدد من الكلمات. كان يتحدث -كما يصف هند- بجوامع الكلم، ويعرف كيف يدقق فى استخدام اللغة بشكل يعبر عن فكرته بشكل واضح ومستقيم، دون تزيد وإسهاب، أو اختزال يخل بالمعنى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات «النبي» وأحزانه تأملات «النبي» وأحزانه



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon