توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سنوات المرارة

  مصر اليوم -

سنوات المرارة

بقلم - د. محمود خليل

8 سنوات عاشها الحسن بعد التنازل عن الخلافة لمعاوية، يعانى فيها من نقد الأقرباء، وشماتة الأعداء، ليس ذلك فقط، بل ما أكثر من انكسر قلبه وهو يسمع الإساءات توجه إلى أبيه على بن أبى طالب من بعض بنى أمية، ممن لا يعرفون قدر من ينالونه بألسنة السوء.

كان هؤلاء ينالون «الحسن» أيضاً بالإساءة، وهو يعالجهم بالحلم والصفح، بل ويكرم ويعين من أساء إليه إن كان بحاجة إلى إكرام أو معونة.عالج «الحسن» ضغوط الناس عليه بما يليق بخُلقه الرفيع. كيف لا وهو الرجل الذى تشرّبت روحه من روح النبى، صلى الله عليه وسلم.

أهدى «الحسن» الاستقرار إلى الناس وأعادهم إلى دوائر الحياة الطبيعية من جديد، ولم يحمد له أحد ذلك، بل لاموه عليه، فظل يدفع ثمن خوفه على الناس حتى آخر يوم فى حياته، حين دفع حياته نفسها ثمناً لخطوة خطاها مع معاوية من أجل حقن دماء المسلمين، لم يقدّرها الأخير حق قدرها، ونكص عليها، فى اللحظة التى قرر فيها أن يحول الخلافة إلى ملك عضوض (وراثى)، فينقل الحكم إلى ولده «يزيد» ليكون خليفة للمسلمين من بعده، ولم يكن له أن يتمّم ذلك إلا بعد اختفاء «الحسن»، الذى كان سيلى الخلافة من بعده، طبقاً لاتفاق التنازل المبرم بينهما.

عاش «الحسن» فى المدينة بعد إبرام اتفاق التنازل مع معاوية، وكان واليها فى ذلك الوقت هو الأموى مروان بن الحكم، ولم يكن الأخير يترك فرصة إلا ويسىء فيها إلى الرجل، ويغلظ له فى القول، دون أن يراعى حرمة أو مكانة أو قرابة، و«الحسن» يصبر ويعالجه بالحلم، والثانى لا يلين.

واللافت أنه بعد وفاة الحسن سنة 49 هجرية، سار «مروان» فى جنازته يبكى وينتحب، وهو الذى منذ لحظات رفض أن يدفن السبط إلى جوار جده، ناهيك عما فعله معه فى حياته.

لحظتها نظر الحسين بن على إلى مروان وقال له: أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟!. فرد قائلاً: إنى كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا وأشار إلى الجبل.ثمانى سنوات قضاها «الحسن» بين الناس بعد تنازله عن الخلافة، تمثل فيها مبادئ القرآن الكريم فى التعامل مع المسىء، كقوله تعالى: «ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ».

وقد انقلب سلوك المسيئين إليه فى الكثير من المواقف إلى إحساس بالشعور بالخزى من رجل ابتلع تطاولهم عليه، وعاملهم بأخلاقه النبيلة. وقد كان «الحسن» واحداً من النماذج الباقية الشاهدة على خلق النبى، صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الشَّبه بينه وبين جده مسألة تتعلق بالملامح فقط، بل وبالأخلاق أيضاً. فقد كان الحفيد يتمثل ما تشربته روحه فى طفولته المبكرة من أخلاقيات جده وما سمعه عنه بعد ذلك من المحيطين به، وما رآه بعينيه فى أخلاق من سبقوه من الخلفاء الراشدين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سنوات المرارة سنوات المرارة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon