توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عالم «الأنصاص»

  مصر اليوم -

عالم «الأنصاص»

بقلم - د. محمود خليل

إذا كنت موهوباً أو كفئاً في شىء فعليك ألا تبين ذلك أمام رؤسائك الأعلى منك، وإلا وضعت بيدك كلمة النهاية في مسيرتك المهنية معهم، وقطعت عيشك بيدك.يتفق الكثيرون من أبناء زماننا على هذه القاعدة، ويرون أن فرص "أنصاف الموهوبين والمتعلمين" أكبر بكثير من أصحاب المواهب الحقيقية والعلم والتعليم الحقيقي.

فالأخيرون يخيفون الأعلى منهم، لأن وجودهم يكشف المستوى الحقيقي لمن فوقهم (كأنصاف)، وبالتالي يكون من الأفضل التخلص منهم وإبعادهم عن المشهد. وللمصريين مثل شهير يقول: "الأنصاص قامت والقوالب نامت".

ليست هذه الآفة ابنة الزمان الذي نعيش في ظلاله، بل تجدها منغرسة في جوهر الثقافة المصرية، ربما تكون منتشرة بدرجة أكبر في عصرنا الحاضر، لكنها كنات موجودة في العديد من العصور الأخرى بنسب ومقادير متفاوتة.

ولو أنك تصفحت مذكرات الراحل النبيل "الفنان نجيب الريحاني"، فستجد بين سطورها قصة طريفة تقدم لك نموذجا للكيفية التي يمكن أن تؤدي فيها الموهبة المتفجرة إلى ضياع صاحبها.

الواقعة حدثت عام 1908، عندما بدأ الشاب "نجيب الريحاني" رحلته في طرق أبواب المسرح، حين انضم إلى فرقة "أمين عطا الله" التي أسسها شقيقه "سليم عطا الله"، بمرتب شهري 4 جنيه، وشارك في بطولة مسرحية "شارلمان الأكبر".

وفي مشهد جمع بينه وبين سليم عطا الله في ختام المسرحية أجاد "الريحاني" كل الإجادة، وأدى كموهوب كبير، وتمكن من انتزاع إعجاب المشاهدين، فصفقوا له كثيراً، وأخذوا يتحدثون عن الممثل الجديد الذي تفوق على بطل المسرحية "سليم عطا الله".

حينذاك كان "الريحاني" في بداياته الفنية، لم تعركه الحياة بعد، فطار من الفرح إزاء هذا الإطراء والمديح والإعجاب.

في اليوم التالي طلبه سليم عطا الله، فقال "الريحاني" في نفسه": لابد وأن الرجل سيكافأني وسيرفع أجري، تعبيراً عن إعجابه بأدائي، ودوري في دعم شعبية الفرقة.

دخل الفنان الموهوب إلى مدير الفرقة منتفخاً بالأمل، فإذا به يسمع إحدى الجمل الموجعة المأثورة في ذلك الزمان: أنا متأسف جدا يا نجيب أفندي لأن الفرقة استغنت عنك!لقد غار الكبير من الموهبة الصغيرة المتفتحة، فاستبعده، ظنا منه أنه بذلك يبعد عن طريقه منافساً قد يأخذ موقعه، ولم يفهم أن الموهبة ستفرض نفسها في كل الأحوال، وحتى إذا دهمها الإحباط وانسحبت، فإن ذلك لا يعبر عن نجاح لمن وضع العراقيل في طريقها، لأن من لا يحترم الموهبة ولا يقدرها محكوم عليه بالفشل في النهاية.المسألة إذن قديمة.. فمنذ زمن طويل "وأنصاف المواهب" و"محدودو القدرات" يحتلون مواقع الصدارة، ويزيحون من طريقهم أصحاب المواهب الحقيقية والقدرات المتميزة، ولست بحاجة إلى تذكيرك بأثر ذلك على الأداء العام، وكم الرداءة الذي ينسج ملامحه في العديد من المجالات.لقد نجا "نجيب الريحاني" بإيمانه بموهبته ونفسه الصلبة المقاتلة، لكن مؤكد أن آخرين من الموهوبين في عصره، وفي عصور أخرى، دهستهم عجلة الإحباط واليأس، فاطبقوا جوانجهم على موهبتهم، وتاهوا في ظلمات "عالم الأنصاص" وعداوة "أبناء الكار الواحد".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عالم «الأنصاص» عالم «الأنصاص»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon