توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجد الحاني يهدهد حفيده

  مصر اليوم -

الجد الحاني يهدهد حفيده

بقلم - د. محمود خليل

وُلد «الحسن بن على» رضى الله عنه سنة 3 هجرية. جده لأمه هو النبى صلى الله عليه وسلم، وجده لأبيه هو أبوطالب بن عبدالمطلب، الذى حمى النبى ودعوته فى وقت اشتدت فيه حاجتها إلى الحماية، وجدته لأمه هى خديجة بنت خويلد، وجدته لأبيه هى فاطمة بنت أسد التى نشأ النبى بين يديها بعد وفاة أمه آمنة، أما أبوه فعلى بن أبى طالب، وأمه فاطمة بنت محمد رضى الله تعالى عنها وأرضاها.أى خيط تمسكه بيديك فى حياة «الحسن» ستجده يقودك فى النهاية إلى النبى صلى الله عليه وسلم. بما فى ذلك خيط الشكل والهيئة، فقد بقى طيلة حياته صورة تذكر المسلمين بالنبى بعد أن صعدت روحه الشريفة إلى بارئها. كان أبوبكر الصديق يحمله على ذراعيه بعد وفاة النبى ويقول ضاحكاً إنه أقرب شبهاً إلى جده النبى منه إلى أبيه على.فرحة النبى بالحسن حين أنجبته فاطمة كانت كبيرة. أراد أبوه على أن يسميه «حرباً»، لكن الرسول سماه «الحسن». وفى تقديرى أن قصة التسمية تلك يعتريها ظلال من الشك، لأنه لم يكن معروفاً عن بنى هاشم تسمية أولادهم بهذه الأسماء الخشنة الغليظة، خلافاً على سبيل المثال لبنى أمية، وهى لا تتعدى محاولة من جانب الحكائين للتحضير للدور الإصلاحى الذى لعبه «الحسن» حين رفض استمرار الحرب الأهلية التى نشبت بين المسلمين، بعد اغتيال عثمان بن عفان، لكن القصة تبقى دليلاً على أن النبى هو من اختار اسم حفيده.نعم «الحسن» بعد مولده بطفولة هانئة فى ظلال جد حان عطوف محب لأحفاده من ريحانته «فاطمة» أشد الحب. كيف لا وهى الوحيدة من بناته التى أنجبت له أحفاداً. لم يعش «الحسن» سنوات أهنأ من السنوات الثمانى الأولى من عمره، والتى قضاها فى كنف جده الذى يلاعبه ويرق له ويهدهد طفولته، وأمه فاطمة التى كانت نسمة نهر حب يتدفق على زوجها وأبنائها، وريحاً عاصفة على من يفكر -مجرد تفكير- فى مسهم بسوء.كل سنة مرت بعد ميلاد «الحسن» كانت تقرب النبى صلى الله عليه وسلم من تحقيق هدفه فى إبلاغ رسالة ربه، لكنها كانت تقترب أيضاً بالجد الحبيب من خط النهاية. السنوات الأخيرة فى حياة النبى كانت أكثر هدوءاً مما سبقها، والفرصة كانت مواتية للحسن ثم لأخيه الحسين لينعما بعطف الجد وحنانه البالغ عليهما، لكن سنوات السعادة لا تدوم، وما أشق ما يعقبها من سنوات طوال يواجه فيها الطفل العالم وقد كبر وأصبح صبياً، ثم شاباً مسئولاً، يحمل فوق ظهره ما يتوجب عليه حمله من أعباء الحياة.مات النبى صلى الله عليه وسلم سنة 11 هجرية، وعمر «الحسن» يقارب 8 سنوات، اخترق سهم الحزن قلبه الصغير فأجهده، لم يمر على الحدث الداهم سوى 6 شهور حتى فاضت روح فاطمة بنت النبى، ليفقد الطفل حنان الأم، بعد حنان جده. يخلو البيت العامر إلا من أبيه وأخوته. الإخوة صغار يعانون الحزن الذى يعانيه، أما الأب ففارس كبير، وحكيم لا يتوقف عقله عن التفكير، وواحد من كبار الزاهدين فى الدنيا، تعود أن يأخذ نفسه وغيره بـ«القاسية».فى كنف الجد تشكلت روح «الحسن».. وفى كنف الأب وتجربته تكون عقله.الروح لم تتوقف لحظة عن استدعاء نموذج الكمال الذى تحقق فى شخص النبى الجد. وما أكثر ما كان يجلس إلى خاله هند بن أبى هالة -شقيق السيدة فاطمة من الأم خديجة- ويسأله أن يصف له النبى، وكان «هند» وصافاً من طراز رفيع، يقول الحفيد: «سألت خالى هند بن أبى هالة وكان وصافاً عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أشتهى أن يصف لى منها شيئاً أتعلق به»، إنها الرغبة العارمة فى استدعاء روح النبى التى تعلقت بها روح الحفيد فى مرحلة الطفولة، تلك المرحلة التى يختلط فيها المتماسك بالسائل من المعارف والمدركات.أما العقل فورث الحكمة عن الأب على بن أبى طالب، لكن خلافاً له لم يكن يستغرق فى التفكير إلى حد التردد، بل كان يرى الحكمة فى قرار، يسبقه حسن التفكير، والنظر إلى ما هو أبعد.. إنه الفارق بين مدرستين فى التفكير: الأولى مدرسة «إن كنت ذا رأى فكن ذا تردد»، والثانية «إن كنت ذا رأى فكن ذا عزيمة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجد الحاني يهدهد حفيده الجد الحاني يهدهد حفيده



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon