توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حنان "الابن" على "أبيه"

  مصر اليوم -

حنان الابن على أبيه

بقلم - د. محمود خليل

"الحسن" هو أكبر أبناء علي بن أبي طالب، وحبه لأبيه كان عريضاً، وخوفه عليه كان كبيراً. ومؤكد أن علياً كان يتفهم ذلك، ويعلم أن ابنه "البكري" سر أبيه، لذا فقد كان يسمع منه، لكن التركيبة النفسية لـ"علي" والتي تعودت المواجهة، وامتلكت القدرة على تحمل المسئولية في أصعب الظروف، أحياناً ما كانت تصده عما يقوله ولده، وما أكثر ما ردد على مسامعه قوله: "ما زلت تحن علي حنين الجارية"، وفي النهابة يملي ما يريد.

نصح الحسن أباه بأن يترك المدينة بما فيها ومن فيه ويذهب إلى غيرها، لئلا يقتل الخليفة وهو بها، فيغمز الناس في حقه، لكن علياً أبي.

كل الشواهد كانت تقول أن الصراع الناشب سوف ينتهي بكارثة، وقد توقعها "الحسن" مبكراً، وبعد أن وقعت نصح أباه ألا يقبل الخلافة، إلا بعد أن يبعث له كل أهل الأمصار ببيعتهم، بما فيهم بالطبع معاوية بن أبي سفيان والي الشام، ورفض "علي" من جديد، وعندما ثار طلحة والزبير ومعهما أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، وطالبوا علياً –الخليفة الجديد- بالثأر لعثمان من قاتليه، نصحه "الحسن" أن يعتزل الناس في بيته، ولا يدخل في مواجهة معهم، وأبى علي ذلك.

كان لعلي بن أبي طالب وجهة نظر مخالفة، وقد فند كل حجج الحسن، ونبهه إلى أن مسألة الخروج من المدينة لم تكن سهلة، بعد أن حوصر الجميع فيها، أما قبوله الخلافة قبل أن تأتيه البيعة من كل الأمصار، فكان مردها الخوف من انفراط عقد المسلمين، بسبب حالة الفراغ في السلطة، وبالنسبة للخروج لواقعة الجمل، فقد أبى علي –كما كان يردد- أن يكون مثل الضبع التي يحاط بها من كل مكان، لتصبح فريسة في بد أعدائها.ما أكثر ما كان "الحسن" يقول لأبيه "تقتل غداً بمضيعة لا ناصر لك"، وما أكثر ما كان يردد الأب بأسى "كف عني يا بني".

سارت الأمور كما توقع الحسن، اقتتل المسلمون في واقعة الجمل، وحسم علي الأمر لصالحه، ثم كان الاقتتال في "صفين"، ثم التحكيم وانشقاق الخوارج، وانتهى المشهد كما تعلم باغتيال الخليفة الرابع علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم.

لحظتها وقف "الحسن" يبكي أباه المغدور.أداء "الحسن" خلال الأحداث المتسارعة التي شهدتها المدينة بعد حصار المعارضين لدار الخلافة يدلل على عقلية تجيد الحسابات السياسية، وتتفهم جيداً تركيبة الفاعلين السياسيين داخل المشهد، وتستطيع أن تتوقع خطواتهم، وكان من الحكمة بحيث يقدم مقترحات سديدة للتعامل مع المواقف المعقدة، وكان "علي" يستوعب أن ولده الأكبر يخاف عليه ويصدقه النصح، لكن عقله كان مسكوناً بنصائح عمه "العباس" بالدرجة الأكبر، وقد كان العم كثير الاتهام لابن أخيه بالتردد في أمر الخلافة، فلم يسمع له حين طلب منه أن يدخل للنبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته يطلب منه كتاب عهد بالخلافة من بعده، ولم يسمع له في مواقف أخرى شبيهة خسر فيها جميعاً، وحين وقعت الواقعة واغتيل عثمان، خاف علي بن أبي طالب أن يتردد هذه المرة، فحسم أمره وقبل الخلافة في ظرف انقسام، وخسر بذلك كثيراً.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حنان الابن على أبيه حنان الابن على أبيه



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon