توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعتبرها عقدة نفسية

  مصر اليوم -

اعتبرها عقدة نفسية

بقلم - د. محمود خليل

تحكي رواية "زينب والعرش" للمبدع "فتحي غانم" عن "عبد الهادي النجار" رئيس تحرير جريدة "العصر الجديد"، وهو رجل ذو أصول ريفية، أبوه فلاح وأمه فلاحة، وقد استطاع من خلال اجتهاده وقدرته على التعلق بأهداب باشوات ما قبل الثورة أن يصل إلى موقع رئيس تحرير، وبعد الثورة لم يفقد دوره، إذ استطاع أن يتلون ليصبح رجلاً من رجال العهد الجديد، وواحد من ألد أعداء العهد البائد.

تلخص لك شخصية عبد الهادي النجار تلك المفارقة التي سادت فترة الستينات بين الأصول الريفية لأغلب رموزها ونظرة التعالي التي نظروا بها إلى أصلهم الريفي والمعبرين عن هذا الأصل، تماماً مثلما كان ينظر إليهم من قبل الباشوات الترك والجراكسة.

كان "عبد الهادي النجار" يفاخر أمام أهل السلطة بأنه "فلاح ابن فلاح ابن فلاحة"، وليس ابن باشا تركي أو جركسي، بل إنساناً مكافحاً وابناً لفقراء كادحين من أهل ريفنا الطيب، لكن أمره في الواقع كان عكس ذلك تماماً.

فأكثر ما كان يؤرقه هو أي زيارة يقوم بها أحد أفراد عائلته أو أهل قريته إليه، لدرجة أن العاملين في مكتبه كرئيس للتحرير كانوا إذا أرادوا أن يجعلوه يهرب من الجريدة يقولون له: "لقد لمحنا وفداً من فلاحي أهل بلدك في طريقه إليك".

سأله تلميذه "يوسف" ذات يوم: "لماذا تكره الفلاحين؟" فرد عليه: "أكرههم لأني أكره الفقر والجهل والمرض.. ألم تقرأ برنارد شو الذي وصف الفقراء بأنهم ألعن وأخبث شىء في الوجود.. مشوهون.. وإذا تعاملت معهم -يقصد الفلاحين- فستصبح مشوهاً مثلهم.. ولقد عشت بينهم زمناً.. ولكني نجوت بمعجزة.. ولن ألدغ من الفلاحين مرتين.. ولا تحدثني عن مسئولية المثقفين.. ودور السياسة وواجباتها نحو الشعب.. فكل هذا على عيني ورأسي.. وأنا مستعد أن أنشر قصائد غزل كل يوم في صدر الصفحة الأولى، ولكن أرجوك لا تطلب مني شخصياً أن أنال شرف التعامل معهم".

كان عبد الهادي فلاحاً ابن فلاح، لكن صلته انقطعت تماماً بقريته -مسقط رأسه- بعد وفاة أبيه وأمه، ولخص نظريته للتعامل مع الفلاحين لتلميذه يوسف قائلاً: "اعتبرني نصيراً للفلاحين ككاتب وكرجل مهتم بالسياسة إلى آخر هذا الكلام.. ولكن احترم حريتي الشخصية ولا تجعلني أختلط بهم.. اعتبرها عقدة نفسية يا أخي".

العبارة الأخيرة كانت عبارة حاسمة: "اعتبرها عقدة نفسية يا أخي"، لكن ما سبقها من عبارات تؤكد لك النهج الستيناتي في النظر إلى الفلاحين كرصيد سياسي، يمكن دغدغة مشاعره بأعظم الكلمات، وكيل مواويل المديح لهم "عمال على بطال"، بهدف تخزينهم ضمن رصيد الشعبية، لأنهم يمثلون القطاع الأكبر من أهل مصر، لكن يبقى "اللي في القلب في القلب".. وكأنها فعلاً عقدة نفسية.

a

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتبرها عقدة نفسية اعتبرها عقدة نفسية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon