توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأسطورة «الحسينية»

  مصر اليوم -

الأسطورة «الحسينية»

بقلم - د. محمود خليل

لم ترتبط الأساطير باسم فى تاريخ الإسلام كما ارتبطت باسم الحسين بن على.

يذكر «عباس العقاد» فى كتابه «الحسين أبو الشهداء» بعضاً من الأساطير المرتبطة بطفولة الحسين فيقول إن بعض الرواة قالوا إنه وُلد لستة أشهر، مثله فى ذلك مثل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وأن «فاطمة» رضى الله عنها لم تكن ترضعه، فكان النبى يضع إبهامه فى فمه فيرزقه الله بما يغذيه، فأنبت الله لحمه من لحم النبى صلى الله عليه وسلم.

أساطير أخرى عديدة تجدها مرتبطة بالحسين، وأظن أنها لا تحتاج إلى جهد لإثبات عدم معقوليتها، وكونها تمثل جانباً من جوانب الخيال الشعبى الذى أراد أن يرسم صورة للحسين مدارها التأكيد على أننا بصدد شخصية مختلفة، وربما كان للتشيع دور مهم فى رسم الصورة الحسينية على هذا الشكل.

لم يكن أى من المؤرخين أو أصحاب المخيلة الشعبية بحاجة إلى اختراع هذه الأساطير حتى تتعلم الأجيال المتتالية من المسلمين أننا بصدد شخصية مختلفة ونحن نقف أمام «الحسين»، فالمعقول فى سيرته يكفى جداً لإثبات أن شخصيته مختلفة أشد الاختلاف داخل السياق الذى ظهرت فيه، يكفى الإشارة إلى قدرتها على إلهام الأجيال المتتالية من المسلمين الذى رأوا فى «الحسين» تجسيداً لأسمى معانى الثورة الحالمة بإصلاح ما اعوجّ فى حياة الأمة.

شخصية «الحسين» كانت قريبة الشبه من أبيه «على» وما تمتعت به من نبل ومحبة للعدل وحُلم لا يتزحزح باستعادة الوجه الحقيقى للخلافة الراشدة، كما تحققت فى عصر الشيخين أبى بكر وعمر، وهى تركيبة تختلف عن شخصية «الحسن» الذى تعوّد أن يعالج الأمور بواقعية، وأن يتعامل مع البشر بأعلى درجات الحلم والصفح.

الواضح أن الحسين لم يكن راضياً عما آلت إليه أمور المؤمنين فى عصر عثمان بن عفان.

وليس أدل على ذلك من امتعاضه من مسألة خروج أبى ذر إلى «الربذة»، وثمة خلاف ما بين المؤرخين حول السبب فى ذلك، إذ يذهب فريق إلى أن أبا ذر خرج منفياً بقرار من «عثمان»، ويرى آخرون أنه فضّل الخروج ونفى نفسه بنفسه إلى هذا الموضع فى الشام، لكن أياً كان الأمر فقد حزن «الحسين» وهو يرى كبار الصحابة ينفضُّون من حول «عثمان»، سواء برغبته أو برغبتهم.

يذكر «العقاد» أن الحسين قال للصحابى الجليل وهو يودعه: «يا عماه إن الله قادر على أن يغير ما قد ترى والله كل يوم فى شأن. وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، وما أغناك عما منعوك وأحوجهم إلى ما منعتهم، فسل الله الصبر والنصر، واستعذ به من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقاً، والجزع لا يؤخر أجلاً».

تترجم لك هذه الكلمات شخصية الحسين بأعلى درجات الأمانة، فهو رجل لا يبحث عن دنيا، بل يحلم بواقع مثالى، يحتكم إلى قيم الدين، وتسبح أحلامه فى سماء المطلق، ويشتاق إلى لحظة يعيش فيها الإنسان حياة عادلة بريئة من الجشع أو الجزع، إنه يبحث عن تحرر الروح كأساس لتحرر الإنسان.. أليست تلك قمة الأسطورة فى حياة هذا النبيل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسطورة «الحسينية» الأسطورة «الحسينية»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon