توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الست» تشدو بـ«الفصحى»

  مصر اليوم -

«الست» تشدو بـ«الفصحى»

بقلم - د. محمود خليل

تمكنت «العامية» من غزو اللغة الفصحى في واحدة من قلاعها الحصينة، هي قلعة الأدب والشعر، بل والصحافة أيضا.

فقد دخلت العامية إلى الشعر كتفا بكتف إلى جوار الفصحى، وقد سجّل علماء الحملة - ضمن كتاب وصف مصر- في الجزء المعنون بـ«موسيقى وغناء المصريين المحدثين» الكثير من الأغاني التي جمعوها من مناطق عدة بمصر، وأغلبها بالعامية التي راجت في الشارع المصري، والأمر نفسه ينطبق على الملاحم، مثل ملحمة أبوزيد الهلالي، وعنترة بن شداد وغيرهما التي أبدعتها القريحة الشعبية بلغة الشعب.

وفي الصحافة لجأ عبدالله النديم لأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية إلى اللغة العامية في كتابة مقالات، يستطيع أن يخاطب من خلالها العقل والوجدان الشعبي.

كانت «الفصحى» في هذه المجالات صامدة، وقد تمكن شاعر بحجم أحمد شوقي من إنعاشها وتطويرها في مجال الشعر، وهام بها في آفاق عليا، واحتفظ كبير كتاب الرواية المصرية في القرن العشرين «نجيب محفوظ» بالسردية الفصحى في رواياته، وتألق صوت أم كلثوم على أنغام رياض السنباطي في إنتاج العديد من القصائد الفصحى الدينية، مثل: «نهج البردة، وولد الهدى، وسلوا قلبي»، ومن بعد «رباعيات الخيام وحديث الروح والثلاثية المقدسة»، وانطلق صوت «الست» متألقا بالعديد من الأغاني العاطفية الفصحى، مثل: «الأطلال، ومن أجل عينيك، وأقبل الليل، وأغدا ألقاك، وهذه ليلتي، وقصة الأمس، وأراك عصي الدمع، وثورة الشك».

أخلصت أم كلثوم رحمها الله للفصحى، كما لم يخلص لها مطرب في تاريخ الغناء العربي، وأخلص «السنباطي» في ألحانه لعيون الشعر العربي القديم والمعاصر، حتى تذوق كلماته أبسط المواطنين المصريين في القرى والنجوع وفي العشوائيات الحضرية، تماماً مثلما استمتع بها أهل الطبقة الوسطى، وطبقة المتنفذين داخل المحروسة مصر. فعبر هذه القصائد اكتسبت العربية الفصحى شعبية سماعية لدى الشارع المصري لم تحققها في تاريخها منذ أن سادته أواخر حكم الفاطميين.

ولا يعني ذلك بحال أن العامية تراجعت، بل تقدمت وتنورت، والفضل في ذلك يعود إلى ظهور شعراء كبار أبدعوا في تحويل لغة الشارع المصري إلى شعر وفن وأدب، وكبيرهم في هذا السياق صاحب المقام الرفيع «بيرم التونسي»، ومن بعده ظهرت روعات «صلاح جاهين» الذي وظف العامية كوعاء للحكمة والتفلسف في رباعياته الشهيرة التي يعارض فيها صاحب الرباعيات الأشهر في تاريخ الشعر العالمي الشاعر الفارسي عمر الخيام، ومعه ظهر فؤاد حداد بإبداعاته الخالدة التي جعلت منه كبير مسحراتية المحروسة.

على يد هؤلاء المبدعين المصريين في مجال الشعر والغناء، ثم بعد ذلك على يد منتجي الدراما الإذاعية والتليفزيونية تمكنت العامية المصرية من غزو خلايا عقل ووجدان المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج، وباتت العامية التي يستطيع الجميع فهمها واستيعابها على اختلاف ما يسيطر عليهم من لهجات، واشتهرت في العالم العربي كله كأهم أداة ناعمة تملكتها مصر منذ أن سادتها اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد والعباد، بدءا من القرن الخامس لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الست» تشدو بـ«الفصحى» «الست» تشدو بـ«الفصحى»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon