توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صوت الغضب

  مصر اليوم -

صوت الغضب

بقلم - د. محمود خليل

تنازل «الحسن بن على» عن الخلافة لصالح معاوية بن أبى سفيان بكامل إرادته، وطالب أنصاره بمبايعة «معاوية»، التزاماً بالمبدأ الذى قبل على أساسه الخلافة، وهو أن يسالموا من سالم ويحاربوا من حارب، وقد قرّر أن يسالم «معاوية»، ويتنازل له عن موقع الخليفة، الذى كان أهون عليه من أن يريق الأخ دم أخيه فى سبيله.

وظنى أن «الحسن» لم يكن يتحرك من موقع «مثالية» وهو يتخذ هذا القرار، بل من موقع «حكمة»، بمعنى أن الرجل حسب الحسبة ونظر إلى من حوله من أنصار فوجدهم متفرقين، مختلفى الآراء والتوجّهات، متقلبين فى وجهات نظرهم، يمكن أن يكون لأحدهم وجهة نظر فى الصباح، ويغيرها فى المساء.

أمثال هؤلاء يصعب عليهم تحقيق نصر حاسم فى معركة، فتضارب الآراء أخطر بكثير من تضارُب المصالح، فأصحاب المصالح المتضاربة يسهل عليهم التوحّد والثبات فى مواجهة أى تهديد لمصالحهم، وكذلك كان أهل الشام، فقد كان ثمة تضارب فى المصالح فى ما بينهم، لكنهم نبذوا كل ذلك وراء ظهورهم، حتى يفرغوا من التخلص من منافسيهم، فى حين كان أتباع الحسين برءاء من الوقوع فى شرك البحث عن مصلحة، لكنهم كانوا متضاربين فى آرائهم ووجهات نظرهم.

أدرك «الحسن» بما امتلك من حكمة وقدرة على قراءة المشاهد أن الأجدى له وللجماعة المسلمة أن تضع الحرب أوزارها، وأن يلتمس حلاً وسطاً، يتنازل بمقتضاه عن الخلافة لمعاوية بن أبى سفيان ما دام حياً، وبعد وفاته تعود الخلافة إلى «الحسن» من جديد.

عمر «الحسن» حين تنازل كان 38 سنة، وعمر «معاوية» 56 سنة، وبالتالى كانت الفرصة سانحة -على المستوى النظرى- لإنفاذ هذا الحل وإتمامه، لكن الأمور لم تسِر على هذا النحو، كما سأحكى لك.تحمّل الرجل الحكيم الكثير من الإساءات من جانب المحيطين به، لما اتخذ هذا القرار.

وصفه أنصاره بـ«مُذل المؤمنين»، وتعجّبوا من تنازله عن الخلافة ووراءه جيش من العراق، غير مؤيديه ومن على استعداد للقتال معه داخل الأمصار الأخرى، فصبر ورد عليهم، قائلاً: «أشهد الله وإياكم أنى لم أرد بما رأيتم إلا حقن دمائكم، وإصلاح ذات بينكم، فاتقوا الله وارضوا بقضاء الله وسلموا الأمر لله، والزموا بيوتكم، وكفوا أيديكم، حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر».

التنازل عن الخلافة لمعاوية كان سنة 41 هجرية وهو العام الذى وصفه المسلمون بـ«عام الجماعة»، وتوقفت بعده الحروب بين شيعة أهل البيت، وأنصار البيت الأموى، إلا من هجمات كان يشنّها الخوارج هنا وهناك، تزداد وتيرتها فى أوقات، وتخفت فى أوقات أخرى. أما الحسن بن على فقد أوى إلى داره، وعاش 8 سنوات متصلة يتلقى فيها اللوم من المحيطين به، بما فى ذلك شقيقه «الحسين»، رضى الله عنهما.

كان الأخير يتبنّى وجهة نظر ثورية قائمة على المواجهة، ومواصلة الحرب حتى يتم القضاء على دولة «المُلك» التى تتشكل فى الشام، واستعادة وجه الخلافة الراشدة والدولة الديانة.

كان «الحسن» يستمع إلى النقد الموجّه إليه من أقرب المقربين فيصبر ويبتسم ويحاول شرح وجهة نظره، دون جدوى، فقد غطى صوت الغضب على صوت العقل.

a

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت الغضب صوت الغضب



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon