توقيت القاهرة المحلي 04:16:18 آخر تحديث
الثلاثاء 29 نيسان / أبريل 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ

  مصر اليوم -

رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ

بقلم - د. محمود خليل

تجربة النبى، صلى الله عليه وسلم، فى طفولته، علمته أن يكون عظيم الرحمة وشديد العطف والتعاطف مع المجموعة البشرية التى خرج منها، سكن إلى جواره الضعفاء، ووجد فيه من يتمتعون بعناصر القوة ملاذاً إنسانياً يعلمهم أن الرحمة هى ذروة سنام القوة.

الأصل فى هذه المسألة أن الرسول كان جزءاً لا يتجزأ من النسيج البشرى الذى عاش فى مكة وقت البعثة: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم»، وهو نسيج يتشكل من نماذج إنسانية تجد لها أشباهاً فى كل زمان ومكان. فيهم الحالم بالخروج من أسر العبودية مثل «بلال»، والحالم بإحياء القيم الإنسانية الرفيعة مثل «صهيب»، والمفكر المغرم بالترحال بحثاً عن الحقيقة مثل «سلمان»، والمناضل بتركيبته وطبيعته مثل «عمار»، وصاحب الشخصية القوية والرأى النافذ مثل «عمر»، وصاحب الحكمة والرأى السديد مثل «أبوبكر»، والباحث عن مجد العائلة مثل «عثمان»، والفارس النبيل مثل «على بن أبى طالب»، والمرأة المؤمنة التى تجيد لعب دور السيدة الأولى مثل «خديجة»، والمرأة الصابرة المحتسبة مثل «أسماء»، والمرأة الطموح مثل «هند بنت عتبة»، والمرأة المعتدة بنفسها مثل «عائشة».

فالنبى كان جزءاً لا يتجزّأ من قومه وأحلامهم وأشواقهم إلى الحياة وحنينهم إلى الخالق وشغفهم بمعرفة مآل الإنسان بعد الحياة. وليس المقصود بقومه هنا من آمن به وبرسالته وفقط، بل من آمن ومن رفض الإيمان، بل الإنسان أينما ووقتما كان، فقد عزّ على النبى عنت الإنسان ككل وما يلاقيه فى حياته من محن وعذابات. يقول «ابن عباس» إن المعنى فى قوله تعالى: «عزيز عليه ما عنتم» لا يشمل أهل الإيمان وفقط، بل يمتد إلى الجميع. التفات النبى، صلى الله عليه وسلم، إلى ما يواجه قومه من محن وعذابات وصراعات تتآكل فيها إنسانية الإنسان مرده الحرص الشديد على المؤمنين، ومن عرفوا الطريق إلى الله: «حريص عليكم»، لذلك يظل شخصه الكريم رمزاً للرحمة والرأفة بهم: «بالمؤمنين رؤوف رحيم».

رحلة الطفولة والصبا والشباب التى خاضها النبى كانت تؤهله لكى يكون الإنسان الذى وصفته الآية الكريمة التى تقول: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ». فالنفس الأرحم والأرأف بمن حولها هى النفس التى ذاقت مرارة اليُتم، وعاشت طفولتها تتنقل من كنف عائلة إلى عائلة، وعرفت العمل وتحمّلت مشاقه من أجل مواصلة الحياة، ودأبت على تأمل أحوال المحيطين بها، والتفكير فى ما يصلحها ويقيم اعوجاجها ويأخذ بيدها من ظلمات التيه والتعلق بالأرض إلى آفاق قدسية أعلى. لذلك فقد كان مولد النبى، صلى الله عليه وسلم، ووجوده فى حياة البشر منة كبرى من الخالق العظيم، وجوهر المنة هنا أنه اصطفى لرسالته إنساناً صهرته تجارب الحياة وأوجاعها ليعبر فى تجربته عن المعنى الحقيقى للإنسانية: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ».

الصورة التى رسمها القرآن الكريم للنبى على هذا المستوى تقدم لنا إنساناً تمثل رحمته وعطفه ورقة قلبه مع من حوله السر الأكبر لاصطفافهم وراءه «وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 04:18 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أبرز الأعمال الدرامية التي عُرضت خلال عام٢٠١٩

GMT 04:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

سيارة كهربائية خارقة جديدة من دودج بمدى سير يتجاوز 500 كم

GMT 03:09 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

تحصيل 135 ألف جنيه مستحقات 3 عمال مصريين في جدة

GMT 19:29 2021 الأحد ,21 آذار/ مارس

مؤشر سوق مسقط يغلق منخفضًا بنسبة 0.52%

GMT 09:15 2021 الخميس ,04 آذار/ مارس

احتفالية خاصة لشيكابالا قبل مواجهة الترجي

GMT 04:06 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حادث مروع لغروجان يتسبب في توقف سباق البحرين

GMT 22:39 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مريض نفسيا يمزق والدته وشقيقته ويصيب زوجها في حدائق الأهرام

GMT 11:18 2020 الجمعة ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط ينزل بفعل ارتفاع إصابات كورونا

GMT 00:31 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

بارتوميو يكشف أنه لم يفكر في الاستقالة من رئاسة برشلونة

GMT 10:02 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فرنسا تقسو على أوكرانيا وديا بسباعية

GMT 16:46 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

ساوثجيت يجرب الوجوه الجديدة في مواجهة ويلز

GMT 19:37 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

ألمانيا تسجل 1798 إصابة جديدة بكورونا و17 وفاة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon