توقيت القاهرة المحلي 18:54:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«العربية».. والتحول الخطير

  مصر اليوم -

«العربية» والتحول الخطير

بقلم - د. محمود خليل

جرى فى نهر اللغة العربية الخالد ماء كثير مع اقتحام التكنولوجيا وتحولها من مجرد مجموعة أدوات تيسر الحياة، إلى الحياة نفسها.

حدث ذلك بعد دخول الإنترنت إلى عالم المصريين أواخر القرن الماضى، ثم أعقبه دخول الموبايل الذكى المتصل بالإنترنت إلى الحياة فقلبها رأساً على عقب وبات هو الحياة نفسها، ولعلك تلاحظ الأجيال الجديدة التى تعيش على وجه التقريب داخل الموبايل، وتمارس كل أنشطتها الحياتية من خلاله، بدءاً من الصداقة، ومروراً بالتعليم، وانتهاءً بالعمل.

ساهمت التكنولوجيا فى إحداث انقلاب خطير فى حياة اللغة العربية، منذ أن أصبحت لغة الشارع المصرى بعد عدة قرون من الفتح العربى.

جوهر هذا الانقلاب تعلق باستخدام الحروف اللاتينية فى الكتابة العربية.

وهو أسلوب أصبح له مصطلح علمى يعبِّر عنه هو مصطلح «أرابيزى»، أى العربية التى تستخدم الحروف الإنجليزية فى الكتابة، بدلاً من الحروف العربية.

هذا الأسلوب فى الكتابة يستخدمه كل الأجيال المعاصرة من الشباب داخل جميع المجتمعات العربية، وليس داخل المجتمع المصرى وحده، تحت زعم أنهم لا يواجهون فيها ما يواجهون من صعوبات تتعلق باللغة العربية.

فى البداية كان الشباب يستخدمون هذا الأسلوب بحثاً عن طريقة سرية فى التعبير لا يفهمها الكبار، ثم أصبح بمرور الوقت لغتهم المعتمدة. ولم يكتف أصحاب هذا الأسلوب بذلك، بل أضافوا إليه المفردات الأجنبية الصريحة والمفردات المعرَّبة كجزء من أدواتهم التعبيرية.

ولكى تعلم خطورة هذا الانقلاب، فيكفى أن أقول لك إن تاريخ «العربية» شهد محاولات عديدة لإحلال الحروف اللاتينية محل الحروف العربية فى الكتابة، وكان الغرض من ذلك تجاوز عقبة التشكيل التى لا بد أن تتوافر فى المفردة العربية حتى يستطيع القارئ الوقوف على دلالتها الدقيقة أو الحقيقية.

على سبيل المثال تحديد دلالة كلمة «لعب» على الفعل أو على الاسم (جمع لعبة) أساسه تشكيل الكلمة. وهذه المشكلة يمكن تجاوزها إذا تم كتابة المفردة بالأحرف اللاتينية، لأن الصياغة هنا ستختلف فى الحالتين بشكل يصيب الدلالة المطلوبة من أقصر الطرق.

عام 1943 عرض عبدالعزيز باشا فهمى مقترحاً على مجمع اللغة العربية بالقاهرة بإحلال الحروف اللاتينية محل العربية كوسيلة للتغلب على الصعوبات المرتبطة بنطق المفردات العربية، وجوبه هذا المقترح بالرفض الكامل، وكيلت الاتهامات لصاحبه، وكان أبسطها العمل لحساب المستعمر والاستعمار.

وظلت الحال كذلك حتى جاء جيل الإنترنت لينفذ المقترح بقدر أعلى من الترخُّص، إذ لم تعد الكتابة العربية بالأحرف اللاتينية وفقط، بل وبالأرقام والمفردات الأجنبية أيضاً.إنها قوة التكنولوجيا وخطرها فى آن واحد.

فأية فكرة لا يوجد لها شفيع تكنولوجى يصعب أن تصبح جزءاً من الواقع، لا بد فى البداية أن تتوافر الأدوات التكنولوجية وبعدها تصبح الفكرة أمراً واقعاً. وذلك ما حدث بالضبط مع مسألة إحلال الحروف اللاتينية فى الكتابة العربية، فقد باتت جزءاً من الحياة بعد أن قهرت التكنولوجيا الواقع عليها.

التكنولوجيا هى الأقدر دائماً على التجديد، كذلك تؤكد التجرية.

أما جانب الخطر فيتمثل فى أجيال جديدة، سوف تنسى الحروف العربية بمرور الوقت، لأنك إذا جمعت تأثير التكنولوجيا الجديدة، على أساليب التعليم المعاصرة المعتمدة على التكنولوجيا والتى لا تحضر فيها اللغة كتابة إلا قليلاً (امتحانات البابل شيت تعتمد على الإجابة بالكليك)، مع ضعف الاهتمام بتعليم اللغة العربية وأولوية تعلُّم اللغات الأجنبية عليها، فلك أن تتوقع أجيالاً معزولة كل العزلة عن تراثها المكتوب والمنقول بالحروف العربية، وعلى رأسها كتاب الله الكريم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العربية» والتحول الخطير «العربية» والتحول الخطير



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon