توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلسال الحزن «الزينبي»

  مصر اليوم -

سلسال الحزن «الزينبي»

بقلم - د. محمود خليل

شاءت الأقدار أن تفقد السيدة زينب بنت علي -فى بضعة أشهر خلال طفولتها- جدها النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أمها، وسرعان ما فقدت أباها فى شبابها، حين اغتاله عبدالرحمن بن ملجم سنة 40 هجرية، وكان عمرها حينذاك حوالى 35 عاماً.

وليت سلسال الحزن فى حياة السيدة الكريمة توقف عند هذا الحد.شهدت السيدة زينب، التى قامت بدور الأم فى حياة شقيقيها الحسن والحسين، مصرع «الحسن» أخيها الأكبر، الرجل الذى تنازل عن الخلافة لخصمه معاوية، على أن يؤول الأمر إليه عقب وفاة الأخير، حقناً لدماء المسلمين، لكن خصمه لم يرحمه وسعى فى التخلص منه عن طريق دس السم فى العسل.لشد ما عانت السيدة وهى ترى شقيقها الأكبر الذى كان يبلغ من العمر بضعاً وأربعين سنة يسقط صريعاً بأصابع الغدر.

وما أعظم لوعتها وهى تسمع عن موقف بنى أمية من مسألة دفنه إلى جوار جده النبى صلى الله عليه وسلم، حين قام مروان بن الحكم وجمع بنى أمية وشيعتهم ومنع عن ذلك، فأراد الحسين الامتناع فقيل له: إن أخاك قال: إذا خفتم الفتنة ففى مقابر المسلمين، وهذه فتنة.

فسكت، وصلى عليه سعيد بن العاص، فقال له الحسين: لولا أنه سنة لما تركتك تصلى عليه.

توالت الأحزان على السيدة الصامدة وهى تسمع عن الخطة التى وضعها «معاوية» لإجبار كبار أبناء الصحابة، ومن بينهم شقيقها الأصغر «الحسين» على مبايعة ولده يزيد والسيف فوق رقاب الجميع، وزاد حزنها حين حكى لها «الحسين» كيف أغلظ له معاوية حين قابله وقال له: بدنة يترقرق دمها والله مهريقه!، فرد الحسين: مهلاً فإنى والله لست بأهل لهذه المقالة!، فعلق معاوية: بلى ولشر منها.مسألة صعبة على النفس الكريمة أن يتطاول الأدنون عليها.

أولاد الأكرمين يتعلمون أول ما يتعلمون أن كرامتهم هى ثروتهم الكبرى فى الحياة، وكذلك كان أبناء فاطمة، أحفاد النبى صلى الله عليه وسلم، يهون عليهم أى شىء فى الحياة إلا كرامتهم، وقد ووجهوا بخصم يعرف كيف ينال من أولاد الأكرمين من خلال توجيه ما لا يليق إلى شخوصهم الكريمة.

من الطبيعى والحال كذلك أن تتحرك النفوس الأبية التى تعز عليها كرامتها لتدخل فى مواجهة مع من يحاول النيل منها. إنها لا تجد للحياة معنى بدون كرامة.

وكذلك كان شأن السيدة زينب وشقيقها الحسين، فقد خلت الدنيا من حولهما من الظهر والظهير، ماتت الأم، ثم استشهد الأب، ثم اغتيل الشقيق الأكبر، فما معنى الحياة بعد كل ذلك؟.

كأنى بصاحبة المقام الرفيع عقيلة أهل البيت، وهى جالسة تفكر فيما آلت إليه الأمور، بعد وفاة معاوية وانتقال الخلافة من بعده إلى ولده «يزيد»، كأنى بها وهى ترى أمام عينيها انتهاء زمن الخلافة الراشدة، وسيطرة نظام جديد لتولى الحكم، ليس له من أساس سوى الوراثة، وأن هذا ابن ذاك، أما قيم النبوة فلم تعد تمثل -كما كانت- معيار اختيار من ينهض بأمر المسلمين.

كأنى بالسيدة الكريمة وهى فى حيرة من أمرها، حين سمعت أن الحسين عزم على الخروج لتصحيح مسار الأمة، ما بين رغبتها فى رد الاعتبار لقيم النبوة كأساس للنهوض بأمر المسلمين، وخوفها من فقد شقيقها الثانى، حبة قلبها، ونور عينيها.. الشقيق الذى كانت له بمثابة الأم.

كم عانت هذه السيدة الجليلة التى كان قلبها نهراً من حب من أمواج الحزن التى أحاطت بها من كل اتجاه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلسال الحزن «الزينبي» سلسال الحزن «الزينبي»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon