توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«سبط النبي» والمرأة

  مصر اليوم -

«سبط النبي» والمرأة

بقلم - د. محمود خليل

للمرأة قصص طويلة في حياة الحسن بن علي، رضي الله عنهما. يحكي «علي الصلابي» صاحب كتاب «الحسن بن علي» ما قدمه الرواة والقالة من كتاب التراث، ويشير إلى أن «أبوطالب المكي» ذهب إلى أن «الحسن» تزوج 250 مرة أو 300 مرة، وأن علياً أباه كان يغضب من ذلك، وينصح الأسر بألا يزوجوه، ويقول لهم: «إن حسناً مطلق فلا تزوجوه، وترد عليه الأسر: والله يا أمير المؤمنين لننكحنه ما شاء، فما أحب أمسك، ومن كره فارق». قال البعض الآخر إن «الحسن» تزوج 90 مرة، وخفض البعض العدد إلى 70 مرة وهكذا. وكلها روايات قيلت في سياق شرح حالة الولع التي ميزت الحسن بن على بالزواج.

لو قبلنا الأعداد السابقة على سبيل الجدال، وقلنا إن «الحسن» بدأ رحلة الزواج وعمره 15 عاماً فقط، وعاش بعد ذلك حتى الـ46 من عمره، فمعنى ذلك أنه ظل يتزوج لمدة 31 سنة، ولو قسمنا الرقم الأول لعدد زيجاته (300 زوجة) على الـ31 سنة، فالمعنى أنه كان يتزوج 10 مرات في العام الواحد، وإذا أخذنا الرقم الثانى فعلينا أن نسلم بأن متوسط عدد زيجاته في العام 8 مرات، ورقم الـ90 يعنى أنه يتزوج كل عام 3 زوجات، ورقم الـ70 يعنى أنه يتزوج مرتين في العام.

وجه الخلل واضح في الطرح الذي قدمه كتاب التراث في عدد زوجات الحسن، رضى الله عنه، وجانب المبالغة واضح، ولا تكاد المسألة تخلو من دس، لسبب آخر بسيط للغاية وهو أن عدد أولاد الحسن بلغ 22 ولداً وبنتاً، وهذا العدد من الأولاد لا يستقيم بتاتاً مع عدد الزيجات المنسوبة إلى «الحسن».

كان الرجل مثل كل أبناء عصره ومجايليه يعدد في الزوجات، ولكن ليس بهذه الأرقام الكاذبة، وأنجب عدداً من الأولاد يتناغم أيضاً مع الثقافة الإنجابية في عصره، ولعلك تعلم أن هذه الثقافة تواصلت في حياة المسلمين حتى عهود قريبة، فخلال القرن التاسع عشر والعقود الأولى من القرن العشرين، كان الرجل في مصر يعدد الزوجات، ويطلق ويتزوج، وينجب بعضهم أعداداً تتماثل مع ما أنجبه الحسن، رضى الله عنه.

اللافت في سيرة الحسن بن علي أن رحيله عن الحياة جاء على يد إحدى زوجاته، فقد مات مسموماً سنة 49 هجرية، «سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي»، كما تذهب كتب التراث، ثمة اتهام وجه إلى معاوية بالضلوع في ذلك، لكن لا يوجد ما يثبت صدق الأمر، والأصل في هذا الاتهام أن «معاوية» كان صاحب مصلحة واضحة في اختفائه، ليورث الحكم من بعده إلى ولده «يزيد».

أوصى «السبط» أن يدفن عند جده وحبيبه النبى، صلى الله عليه وسلم، إلا أن تخشى فتنة فينقل إلى مقابر المسلمين، فاستأذن «الحسين» عائشة فأذنت له، فلما توفي أرادوا دفنه عند النبى صلى الله عليه وسلم، لكن مروان بن الحكم وأشياعه من بني أمية رفضوا، ثار «الحسين»، وكادت تقع فتنة، لولا أن ذكّره أحدهم بوصية أخيه بأن يدفن في مقابر المسلمين، إذا كان دفنه مع جده سيُحدث فتنة، وهو ما كان.

انتهت حياة الرجل الذي عاش حياته محارباً للفتنة، ولم يجد غضاضة في أن يتنازل عما يستحق في سبيل كتم الصراعات، وحماية دماء من حوله، وظل يدافع عما آمن به حتى آخر لحظة في حياته. رحل «الحسن» لكن رؤيته النافذة للحياة بقيت في جمل مأثورة تمنح من يتأملها صورة جليلة للحكمة الفريدة التي امتلكها سبط النبي صلى الله عليه وسلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سبط النبي» والمرأة «سبط النبي» والمرأة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon