توقيت القاهرة المحلي 16:28:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح»

  مصر اليوم -

«وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح»

بقلم - د. محمود خليل

الشح حالة إنسانية يستوى فيها جميع البشر، فالأنفس كلها شحيحة تميل إلى الأنانية والأثرة والاستحواذ، وتريد الخير كل الخير لنفسها.. والشح لا يكون بالمال وفقط، بل يغطى كل أنواع الخير التى يمكن أن يبذلها الإنسان لغيره «أشِحَّةً على الخَيرِ».. فالناس ميَّالون إلى البخل على غيرهم بالخير.

فوائض الثروة فى الحياة متعددة ومتنوعة، فهناك من يملك فائض مال، أو فائض علم، أو فائض حكمة، أو فائض خبرة، أو فائض أرض، أو فائض طعام وشراب.. والناس أمام فوائض الثروة صنفان، فهناك من يبذل ويعطى، وهناك من يشح ويبخل.

الصنف الأول هو الصنف الذى يعرف كيف يتغلب على آفة الشح المزروعة فيه كإنسان، فينطلق إلى عطاء من حوله مما أفاض الله تعالى عليه من خيره، ثقة منه فى أن الله تعالى هو العاطى الوهاب. ويبقى أنصار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نموذجاً خالداً على هذا النوع من البشر، الذى يعطى مما أفاض الله عليه لغيره، ليس ذلك وفقط، بل كان بعضهم يؤثر غيره على نفسه، فيعطيه ويحرم نفسه.. وقد حكى القرآن الكريم موقفهم هذا فى قوله تعالى: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلوا النموذج الأروع للبشر القادر على التغلب على شح نفسه، كان نهجهم فى التجربة الإيمانية هو العطاء، دون انتظار عائد أو نتيجة، كانوا يعطون إيماناً واحتساباً عند الله، عاشوا يضحون ويبذلون طيلة حياة النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة، وبعد وفاته لم يفوزوا بما فاز به المهاجرون فى ترتيب بيت الحكم، فرضوا واستغنوا، لذا فقد قدمهم الله تعالى نموذجاً لهزيمة الشح فى نفوسهم: «ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون».

الصنف الثانى من البشر يُحجم عن علاج شهوة الأنانية والأثرة والشح على الغير داخل نفسه، وهو يظن بذلك أنه يفوز ويتفوق، وذلك هو السفه بعينه، لأن غياب فضيلة العطاء وسيطرة الشح داخل أى تجمع بشرى يعقد حياة أفراده ويتسبب فى زرع الحقد والكراهية فيما بينهم، والنتيجة تفسخهم وتفككهم. الشح هو أقصر الطرق لتعقيد الحياة. يقول الله تعالى: «وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى».

المعنى فى الآيات الكريمة واضح وضوح الشمس. فبخل الإنسان يغذيه إحساسه بالقدرة على الاستغناء عن غيره، ولا يوجد فى الحياة من يستطيع الحياة بمفرده إلا الحمقى، والنتيجة هى تعقد معيشة الناس، فكل طريق يسلكونه يصادفون فيه العقبات ويواجهون فيه المشكلات. ويترتب على ذلك وضع المجتمع على الطريق السريع إلى الهلاك أو التردى، إنها مقدمات لا بد أن تفضى إلى نتائج.. فالشح مقدمة تفضى حتماً إلى الهلاك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح» «وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon