توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح»

  مصر اليوم -

«وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح»

بقلم - د. محمود خليل

الشح حالة إنسانية يستوى فيها جميع البشر، فالأنفس كلها شحيحة تميل إلى الأنانية والأثرة والاستحواذ، وتريد الخير كل الخير لنفسها.. والشح لا يكون بالمال وفقط، بل يغطى كل أنواع الخير التى يمكن أن يبذلها الإنسان لغيره «أشِحَّةً على الخَيرِ».. فالناس ميَّالون إلى البخل على غيرهم بالخير.

فوائض الثروة فى الحياة متعددة ومتنوعة، فهناك من يملك فائض مال، أو فائض علم، أو فائض حكمة، أو فائض خبرة، أو فائض أرض، أو فائض طعام وشراب.. والناس أمام فوائض الثروة صنفان، فهناك من يبذل ويعطى، وهناك من يشح ويبخل.

الصنف الأول هو الصنف الذى يعرف كيف يتغلب على آفة الشح المزروعة فيه كإنسان، فينطلق إلى عطاء من حوله مما أفاض الله تعالى عليه من خيره، ثقة منه فى أن الله تعالى هو العاطى الوهاب. ويبقى أنصار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نموذجاً خالداً على هذا النوع من البشر، الذى يعطى مما أفاض الله عليه لغيره، ليس ذلك وفقط، بل كان بعضهم يؤثر غيره على نفسه، فيعطيه ويحرم نفسه.. وقد حكى القرآن الكريم موقفهم هذا فى قوله تعالى: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلوا النموذج الأروع للبشر القادر على التغلب على شح نفسه، كان نهجهم فى التجربة الإيمانية هو العطاء، دون انتظار عائد أو نتيجة، كانوا يعطون إيماناً واحتساباً عند الله، عاشوا يضحون ويبذلون طيلة حياة النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة، وبعد وفاته لم يفوزوا بما فاز به المهاجرون فى ترتيب بيت الحكم، فرضوا واستغنوا، لذا فقد قدمهم الله تعالى نموذجاً لهزيمة الشح فى نفوسهم: «ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون».

الصنف الثانى من البشر يُحجم عن علاج شهوة الأنانية والأثرة والشح على الغير داخل نفسه، وهو يظن بذلك أنه يفوز ويتفوق، وذلك هو السفه بعينه، لأن غياب فضيلة العطاء وسيطرة الشح داخل أى تجمع بشرى يعقد حياة أفراده ويتسبب فى زرع الحقد والكراهية فيما بينهم، والنتيجة تفسخهم وتفككهم. الشح هو أقصر الطرق لتعقيد الحياة. يقول الله تعالى: «وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى».

المعنى فى الآيات الكريمة واضح وضوح الشمس. فبخل الإنسان يغذيه إحساسه بالقدرة على الاستغناء عن غيره، ولا يوجد فى الحياة من يستطيع الحياة بمفرده إلا الحمقى، والنتيجة هى تعقد معيشة الناس، فكل طريق يسلكونه يصادفون فيه العقبات ويواجهون فيه المشكلات. ويترتب على ذلك وضع المجتمع على الطريق السريع إلى الهلاك أو التردى، إنها مقدمات لا بد أن تفضى إلى نتائج.. فالشح مقدمة تفضى حتماً إلى الهلاك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح» «وأُحضِرَت الأنفسُ الشُّح»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon