توقيت القاهرة المحلي 19:27:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"العربية" وشمس "المحروسة"

  مصر اليوم -

العربية وشمس المحروسة

بقلم - د. محمود خليل

ظلت اللهجة العامية تتطور طيلة القرون التي تلت تسيدها الشارع المصري أواخر العصر الفاطمي، وكان الفضل في ذلك يعود إلى حالة الانفتاح التي شهدتها هذه البقعة من العالم، حيث كان صدرها رحباً لكل غريب، يفد من المغرب العربي، أو من الشام، أو من غيرهما.

مصر في العصرين العثماني والمملوكي كانت محطة أساسية من المحطات التي يتوجب على القاصد لبيت الله الحرام أن يمر بها، وخصوصاً حجاج المغرب، وما أكثر ما كان يقرر خلال رحلة العودة من مكة البقاء بأرضها الطيبة، والعيش والتجارة فيها. كما شكلت مصر مع كل من الشام ونجد والحجاز كتلة واحدة، أو قل دولة واحدة تخضع لسلطان المماليك، وللوالي العثماني بعد ذلك.

وتشهد واقعة التحقيق مع "سليمان الحلبي" بعد قيامه باغتيال القائد الثاني للحملة الفرنسية على مصر "كليبر" على طبيعة العامية المصرية أواخر القرن الـ18، والأثر الذي تركه الاحتكاك بالقبائل العربية والشوام عليها. وقد سجل عبد الرحمن الجبرتي تفاصيل وثيقة التحقيق مع "الحلبي" في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار".

يشير "الجبرتي" إلى أن الفرنسيين دونوا التحقيق في أوراق باللغات الثلاث: الفرنسية والتركية والعربية، وذكر أنه أعرض عن ذكر النسخة العربية لمدة من الزمن بسبب "ركاكة تركيبها لقصورهم في اللغة"، لكنه ضمنها الجزء الخامس من كتابه بعد ذلك لتبقى شاهدة على اللغة العامية المتداولة في ذلك الزمن.

ومما جاء في هذه الوثيقة على سبيل المثال عند وصف الإصابات التي لحقت بكليبر وأدت إلى مصرعه "جرح أوطى من الأول جنب السوة، وجرح في الخد اليمين". ووصف القبض على سليمان الحلبي: ""حضر ملازم ماسك بيده راجل من أهل البلد".

وفي التحقيقات سُئل "الحلبي": "هل راح صباح تاريخه الجيزة؟ فجاوب نعم وأنه كان قاصد ينشبك كاتب عند أحد ولكن ما قسم له نصيب" وسُئل: "هل يعرف حتة قماش خضرة التي باينة مقطوعة من لبسه وكانت انوجدت في المحل الذي انغدر فيه ساري عسكر فجاوب: بأن هذه ما هي تعلقه".

وفي وصف اللحظات التي سبقت قتله لكليبر جاء: "إنه كل يوم كان يتكلم معاهم في الشغل المذكور، وأنه أمس تاريخه قال لهم إنه رائح يقضي مقصوده ويقتل ساري عسكر وأنه توجه للجيزة حتى ينظر إن كان يطلع من يده، وأنه هناك قابل النواتية بتوع ساري عسكر فاستخبر عليه منهم إن كان يخرج برا فسألوه إيش طالب منه، فقال لهم إن مقصوده يتحدث معه، فقالوا له إنه كل ليلة ينزل جنينته، ثم صباح تاريخه شاف ساري عسكر معديا للمقياس، وبعده ماشي للمدينة، فتبعه لحين ما غدره".

هذا النص يؤشر إلى ثلاثة أمور: أولها عامية ذلك الزمان والتي لا تختلف عن عامية الوقت الذي نعيشه، وثانيها دخول بعض الألفاظ الشامية فيها: "إيش"، وثالثها هو لغة الكتابة الفصحعامية الغالبة على التحقيق، وهي لغة تجد لها مثيلاً في بعض الوثائق الرسمية التي يمكن أن تقرأها اليوم والتي تختلط فيها العامية بالفصحى.كأنه لا جديد تحت شمس المحروسة.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العربية وشمس المحروسة العربية وشمس المحروسة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon