توقيت القاهرة المحلي 02:20:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«قُضي الأمر»

  مصر اليوم -

«قُضي الأمر»

بقلم - د. محمود خليل

لم يكن «محمد على» الوحيد الذى خامرته السعادة وراحة البال، بعد وفاة الأمير محمد الألفى، بل شاركه فى السعادة أيضاً الأمير عثمان بك البرديسى، الذى كان يرى فى «الألفى» منافساً خطيراً، لن يستطيع بحال أن يتزعم المماليك حال وجوده، ويشير «الجبرتى» إلى أنه كان شديد الحسد للألفى، خصوصاً بعد أن استكثر الأخير من شراء المماليك، وبات قادراً على مخاطبة الدول، كما فعل مع الانجليز، بما كان لذلك من أثر على الباب العالى، اندفع معه السلطان إلى التراجع عن فكرة تعيين محمد على والياً على مصر، وإحلال موسى باشا مكانه، وعودة المماليك إلى مشيخة البلد، والسيطرة على الأمور الداخلية بالمحروسة، كما تعودوا.كان «الألفى» يعلم أن «عثمان البرديسى» أعجز من أن يصد أو يرد مع «محمد على»، وقد حاول غير مرة إقناعه بالانضمام إليه هو ومماليكه، كى يقفوا معاً ضد محمد على، لكنه لم ينجح فى ذلك، فواجه الوالى وحده، واستطاع أن يكسر عساكره أكثر من مرة، لكن سفره إلى إنجلترا، باشتراط من «البرديسى» حتى ينضم هو ومماليكه إليه، أخّره عن استكمال مهمته فى القضاء على محمد على، وقد قضى فى هذه السفرة سنة وعدة شهور، وعاد منها مجهداً، فكان ما كان من وفاته. وقد كان يردد قبل لحظات من موته: «قُضى الأمر، وخلصت مصر لمحمد على، وما ثم من ينازعه أو يغالبه، وجرى حكمه على المماليك المصرية، فما أظن أن تقوم لهم قائمة بعد اليوم».جاءت نبوءة «الألفى» فى محلها تماماً، فقد كان «البرديسى» أهون على محمد على كثيراً من «الألفى». فمبلغ أمله كان التصافق مع محمد على، ويذكر «الجبرتى» أنه انضم إلى عساكر محمد على وهم يطاردون «الألفى»، بعد عودته من إنجلترا، حين اختبأ يومها بين العربان.كان «محمد على» يفهم شخصية «البرديسى» جيداً، ويعلم أنه إنسان منتفخ، يملؤه الغرور، ويقتله الحسد على زعامة الألفى التى تفوق زعامته، فأقبل عليه، وصادقه، ومنحه شعوراً بأنه كبيره وزعيمه، وأن عساكره من الأروام سيعملون مع مماليكه تحت قيادته، ولم يكن الأمر أكثر من حيلة انخدع بها «البرديسى»، فصار أداة من أدواته فى صراعه المرير مع محمد بك الألفى، ولم يكن الأمير المملوك يجد غضاضة فى ذلك، بسبب ما كان يحلم به من استفراد بزعامة المماليك، وكان يغذى هذا الطموح لديه أستاذه إبراهيم بك الكبير.وفى حين كان «البرديسى» يسير مغموراً بالنشوة والسعادة، بعد أن وصل إليه خبر وفاة «الألفى»، ويحلم باللحظة الدانية التى يصبح فيها زعيماً وحيداً للمماليك، إذا بالمرض يداهمه وهو بمنفلوط، فيموت ويدفن هناك، وذلك فى العام نفسه الذى توفى فيه محمد بك الألفى عام 1806.يقول «الجبرتى» فى وصف عثمان البرديسى: «كان ظالماً غشوماً طائشاً سيئ التدبير، وقد أوجده الله -جل جلاله- وجعله سبباً لزوال عزهم ودولتهم، واختلال أمرهم وخراب دورهم وهتك أعراضهم ومذلتهم وتشتيت جمعهم (يقصد بذلك المماليك)».. وسبحان مَن له الدوام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«قُضي الأمر» «قُضي الأمر»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon