توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود»

  مصر اليوم -

«ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود»

بقلم - د. محمود خليل

"آيات" عديدة حملها الأنبياء والمصلحون إلى أقوامهم، التمسوا بها إصلاح أحوالهم التي اضطربت، وإعادة التوازن إلى حياتهم التي اختلت.

جوهر العلة دائماً تجده في حالة "الاختلال الإنساني" التي تضرب الفرد والجماعة، ومظاهر هذا الاختلال عديدة، فقد تصيب ميزان الأخلاق، أو ميزان القيم، أو ميزان العلاقات بين البشر، أو ميزان العدل، أو حتى ميزان المكاييل الذي تكال به السلع، كما حدث مع قوم "شعيب".

قوم "شعيب" من أهل "مدين" كانوا من المطففين الذين يبخسون الناس أشيائهم، وبخس الأشياء مسألة لا تتعلق بالسلع أو بالمال فقط، بل تتصل بكل الحقوق الإنسانية، حتى ولو كان حقاً في مكانة أو قيمة أو نحو ذلك.

أضاف قوم "شعيب" إلى سفه "البخس" و"التطفيف" الكثير من المثالب الأخرى، كان أخطرها تعظيم "الأيكة" الكبيرة -الشجرة- التي كانوا يعبدونها.

منحنا الله عبر تجربة "شعيب" رؤية للكيفية التي حاول فيها النبي أن يعالج سفه التفكير السائد لدى قومه بالعقل والمنطق.

رغّبهم "شعيب" في الرزق الحلال بعيداً عن أكل حقوق الناس: "بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين"، وعبر عن خوفه عليهم: "إني أخاف عليكم عذاب يوم محيط"، ودعاهم إلى العدل والاستقامة: "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا".

رفض السفهاء منطق العقل، وعاندوا واستكبروا رغم الخلطة الإقناعية المعجزة التي اعتمد عليها شعيب "خطيب الأنبياء" والتي مزجت بين الحجج البسيطة المقنعة، والتعبير الوجداني عن حرصه على قومه وخوفه عليهم، فما كان منه في الختام سوى تحذيرهم بالآية التي يعلمها الجميع: "ولا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد".

كان "شعيب" يعلم أن قومه على خلاف وشقاق معه، ولكنه دعاهم إلى الموضوعية في النظر إلى ما يقول بعيداً، عن أي شقاقات أو خلافات شخصية، لكنهم صموا آذانهم عن نصحه، ولم يلتفتوا إلى الآية التي ذكّرهم بها، حين نوه لهم بمآلات الأقوام الذين عاندوا مثلهم، وعلى رأسهم "عاد هود".تعرض قوم "شعيب" لصنوف مختلفة من العقاب تتناسب مع ما اقترفوه.

كان أولها "الرجفة": "فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين".. فقد كانوا قوم زراعة وتجارة اعتادوا الحركة والفعل، فأراد الله أن يحولهم إلى حالة من السكون والثبات في المكان (البيوت).. والله أعلم بكنه هذه الرجفة، وهل كانت زلزالاً أخافهم من ترك بيوتهم أم أمراً آخر وقع في أرضهم، لكن المؤكد أنها كانت شيئاً مخيفاً.

بعد "الرجفة" كانت "الصيحة": "وأخذ الذين ظلموا الصيحة".. هذه المرة لم تسكن أجسادهم في محلها، بل سكتت ألسنتهم التي سلقوا بها نبي الله سخرية واستهزاءاً.

ثم كانت "الظلة": "فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم".. فقد اشتد عليهم الحر حتى وجدوا سحابة رطيبة ذهبوا يستظلون بها، فتحولت في لحظة إلى كتلة من اللهب تحرق بنارها القلوب القاسية.ثلاثية "الرجفة/ الصيحة/ الظلة" مثلت واحدة من الآيات الكبرى الشاهدة على ما يحيق بالمجتمعات التي يختل بها "ميزان الإنسانية".

"ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود» «ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon