توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طريق «الحسين» إلى «الكوفة»

  مصر اليوم -

طريق «الحسين» إلى «الكوفة»

بقلم - د. محمود خليل

تحرك حفيد النبى، صلى الله عليه وسلم، بأهله ونسائه من مكة واتجه صوب الكوفة.فى الطريق لقيه الفرزدق (الشاعر) فسلّم عليه، ودعا له، قائلاً: «أعطاك الله سؤلك وأملك فى ما تحب»، فسأله الحسين عن أمر الناس وما وراءه، فقال له: «قلوب الناس معك وسيوفهم مع بنى أمية، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء».

فقال له: «صدقت. لله الأمر من قبل ومن بعد، يفعل ما يشاء، وكل يوم ربنا فى شأن، إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء، فلم يتعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته».

تروى كتب التاريخ عن الكثير من الشخصيات التى لقيها الحسين فى طريقه إلى «الكوفة» ونصحته بالرجوع، وحاولت إثناءه عن رحلته تلك، ومن بين هؤلاء عدد من كبار أبناء الصحابة، على رأسهم «ابن عباس» و«أبوسعيد الخدرى».

ويشير صاحب «البداية والنهاية» إلى أن «الحسين» بدأ يتشكّك فى ما عزم عليه، وبدأ قراره فى التأرجح بين المكوث والخروج إلى العراق، وهو -فى تقديرى- قول لا ينهض أمام التحليل الموضوعى، خصوصاً إذا أخذنا فى الاعتبار أن «الحسين» سبق ولام أخاه «الحسن» على التنازل عن الخلافة، وكان ينصحه بقتال «معاوية».

وفى ظنى أن أكثر كتاب التاريخ حاولوا لىّ عنق مواقف كبار الصحابة وأبنائهم من مسألة خروج «الحسين» ضد «يزيد»، من أجل تخطئة موقفه، حتى يقللوا من حجم الحدث الجلل الذى وقع فى كربلاء، حين أُعمل السيف فى الحسين وأهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم.

والأرجح أن هؤلاء الكبار لم يمتلكوا الروح الثورية التى امتلكها «الحسين»، وغلبت عليهم الحسابات السياسية، رغم رفضهم الشديد لدولة الملك العضوض التى بدأت أولى ثمارها بتولية يزيد بن معاوية الحكم، ليخرج المسلمون من دائرة «الفتنة الكبرى» إلى دائرة «المحنة الكبرى».

وبمقاييس المُلك وحسابات السياسة، يرى الكثير من المؤرخين والكتاب أن «الحسين» أخطأ بخروجه لمجابهة يزيد بن معاوية، فى قلة من أشياعه وأنصاره، انسياقاً وراء حسابات غير دقيقة بأن أهل العراق ناصروه، وهى وجهة نظر لا تخلو من وجاهة، إذا كان «الحسين» قد فكر من هذا المنظور، لكن المسألة تبدو مختلفة جد الاختلاف، إذا راجعنا مشهد «الثورة الحسينية» جيداً، والتى خرج صاحبها مدفوعاً بحسابات الدين، وليس السياسة، وبقيم النبوة، وليس بقيم الملك.

أصحاب الحسابات السياسية لهم وجهة نظر مدارها الحرص على استقرار الأوضاع القائمة، وعدم المراهنة على هتافات البشر، فما أسرع ما تذوب هذه الهتافات حين تجد نفسها وجهاً لوجه أمام القوة الباطشة، وهى وجهة نظر تهمل أن الاستقرار قيمة مؤقتة، إذا تواصل أثرها فى الواقع أدّت به حتماً إلى الركود والتعفّن بالفساد، أما الشخصية المدفوعة بالحلم ويحركها البحث والدفاع عن المُثل العليا، فقد يؤدى عملها إلى إرباك الأوضاع، وقد يسهل على القوى المسيطرة القضاء عليها بحكم واحديتها، لأن المجموع يتخلى عنها دائماً فى اللحظة الأخيرة، إيثاراً للسلامة، لكن يبقى أنها الأكثر قدرة على تغيير مسارات التاريخ، وقلقلة الساكن، وتحريك الماء الراكد، ويظل حلمها هائماً من جيل إلى جيل حتى يصل إلى لحظة تحقيق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق «الحسين» إلى «الكوفة» طريق «الحسين» إلى «الكوفة»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon