توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«هذا بلاغ للناس»

  مصر اليوم -

«هذا بلاغ للناس»

بقلم - د. محمود خليل

تقدم الآيات الختامية من سورة «إبراهيم» صورة شديدة العمق للنتائج التى تترتب على عبور البشر على ما يتفاعل أمام أعينهم من «آيات» تكشف ما حاق بغيرهم لحظة أن ساء أداؤهم، ورغم ذلك يكررون نفس أدائهم الباهت، ويظنون أن بإمكانهم الحصول على نتائج مغايرة.. وهيهات!.تبدأ الآيات بإنذار للناس: «وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ».

لا يوجد بلاغ أوضح فى محتواه من هذا البلاغ، فمن يختار المقدمات عليه أن يقبل بالنتائج، ومن لا يتعظ بغيره فليس من العقل فى شىء.

والآيات الكريمة تقدم النموذج على ذلك، فحين يحل وقت الدفع، لا بد أن يدفع الإنسان فاتورة أدائه أو عمله كاملة. وعليه أن يتذكر ما سبق وشعر به وأحسه وهو فى قمة السيطرة من أن زواله بات مستحيلاً، وكيف كان يقسم على ذلك: «أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ».

إنها لحظة الحقيقة التى يواجه فيها الإنسان نتائج ما قدم، ولا يظلم ربك أحداً، اللحظة التى يجد الإنسان فيها من يذكّره بأنه سكن فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم.

ربما كان هذا الإنسان نفسه -قبل ذلك- من الساخطين على الظلم، والمنكرين على الظالمين سكناهم منازله، ووقعت أمام أعينهم «آية العقاب» لهم، فلما تبدلت الأوضاع وتخلصوا ممن يظلمهم، فإذا بهم يمارسون بالطريقة ذاتها، بل ويسكنون مساكن الظالمين، ويظنون أن بإمكانهم الإفلات، ويتوهّمون أنهم باقون إلى الأبد.. وذلك هو التغفيل بعينه، لأن الحياة كلها زائلة.

على قدر ما فى خواتيم سورة «إبراهيم» من رعب، بقدر ما فيها من طمأنة، فهى رسالة مرعبة للظالمين، ومحذرة لهم من الاستمرار فى طغيانهم، لكنها فى الوقت نفسه رسالة طمأنة للمظلومين بأن الله تعالى موجود، وأن أحوال الحياة متبدّلة، وأن الصاعدين إلى هبوط، والهابطين إلى صعود: «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ».

تحكى الآيات الكريمة بعد ذلك عقاب الذين قرروا السكنى فى منازل الذين ظلموا أنفسهم، وكيف تسلب منهم حريتهم: «وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِى الْأَصْفَادِ»، وكيف يتعرّضون لأقصى درجات المهانة والإذلال جزاءً وفاقاً على ما أهدروا وما أهانوا: «سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ».تنتهى السورة الكريمة بآية جليلة تقول: «هَذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ».

إنه بلاغ إلى مَن يريد النجاة بنفسه من الوقوع فى فخ الظلم والظالمين، وإنذار لا بد أن يستوعبه من يهمه الأمر ويحاول تصحيح أوضاعه قبل فوات الأوان، وتؤكد الآية أن العاقل فقط هو من يدرك ما فاته، فالعقل أساس الإيمان، كما أنه أساس الاستقامة فى الحياة، وسر الأداء القادر على النجاة بصاحبه: «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«هذا بلاغ للناس» «هذا بلاغ للناس»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon