توقيت القاهرة المحلي 18:39:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الحسين» في منطقة «الحلم»

  مصر اليوم -

«الحسين» في منطقة «الحلم»

بقلم - د. محمود خليل

تبنى «الحسين» وجهة نظر أبيه خلال حلقات الصراع الذى خاضه على بن أبى طالب بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان.

وخلافاً لـ«الحسن» أيد «الحسين» قبول أبيه الخلافة دون انتظار لبيعة الولاة داخل الأمصار المختلفة، وحين خرجت أم المؤمنين عائشة ومعها الصحابيان طلحة والزبير ضده وخلعوا بيعته، أيد موقف «على» فى حربهم، وشارك معه ضدهم فى موقعة «الجمل»، وعندما أبى «معاوية» البيعة، شارك معه أيضاً فى قتال أهل الشام فى موقعة «صفين»، ثم قتال الخوارج فى «النهروان».

بدا «الحسين» -فى كل المواقف- رجلاً يقف فى ظهر أبيه حتى استُشهد على يد الخارجى «عبدالرحمن بن ملجم»، وكان ما كان من صلح بين «الحسن» و«معاوية»، حين تنازل الأول للثانى عن الخلافة.

لم يرض «الحسين» عن هذه الخطوة ولام أخاه أشد اللوم، وكان من رأيه أن يواصل «الهاشميون» القتال ضد «معاوية» وأتباعه من بنى أمية، حتى يقروا بالحق ويبايعوا «الحسن».

وبنى وجهة نظره على مجموعة من الحقائق الواقعية، أهمها وجود جيش قوى يستطيع «الحسن» أن يناجز به «معاوية» فى الشام.

اتسقت وجهة نظر «الحسين» مع تركيبته الشخصية الباحثة عن المثل العليا والحالمة بإقامة دولة العدل على الأرض، وهى وجهة نظر منبثقة من رؤى كلية لا تكترث بالتفاصيل، خلافاً لشخصية «الحسن» التى كانت تدرك تفاصيل المشهد، وتعرف أن الجيش الملتف حولهم يعانى من حالة ترهل، وما أسهل أن ينقلب إلى فرق ترفع السيف فى وجه بعضها البعض، لذلك تجد أن «الحسن» كان الأقدر فى مسألة الحسابات السياسية ويبنى قراراته عليها، مثلما فعل وهو يتنازل عن الخلافة لـ«معاوية».

لم يكن «الحسين» يتحرك من منطقة الواقع، بل من منطقة الحلم والأمل فى بناء دولة ديانة، فانصرف جل تركيزه إلى التحولات التى يريد «معاوية» أن يحدثها فى شكل الدولة، بحيث يستبد الحاكم بالملك وتتحول الرعية إلى عبيد للدنيا، لا تمانع فى الدخول فى طاعة إمام ضلالة حرصاً على الحياة.

أكثر ما كان يشغل «الحسين» هو تلمس الطريق نحو استعادة الوجه المضىء للخلافة الراشدة، وعدم ترك الأمر للأمويين ليعبثوا بشكل الدولة وقيمها ويخرجوا عن نسق الشورى فى اختيار من يلى أمرها.الشجاعة والجرأة على المواجهة مثّلت معلماً أصيلاً من معالم شخصية «الحسين».

يقول «العقاد» فى كتابه «الحسين أبوالشهداء»: «وشجاعة الحسين صفة لا تُستغرب منه، لأنها الشىء من معدنه، كما قيل، وقد شهد الحروب فى أفريقية الشمالية وطبرستان والقسطنطينية، وحضر مع أبيه وقائعه جميعاً من الجمل إلى صفين.

وليس فى بنى الإنسان من هو أشجع قلباً ممن أقدم على ما أقدم عليه الحسين يوم كربلاء».

الشخصيات من هذا النوع تحركها «الشجاعة الأدبية» أكثر مما تشغلها «الحسابات السياسية». حياتها كلها انفجارات متتالية، بل إن وفاتها تأتى أيضاً كانفجار يجسد الثمن الطبيعى الذى يدفعه صاحب الأحلام الثورية الباحث عن المثالية بشجاعة وثبات، فيصبح مثل الأشجار التى تموت واقفة، كذلك كانت حياة «الحسين» وكانت لحظة رحيله عن الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحسين» في منطقة «الحلم» «الحسين» في منطقة «الحلم»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon