توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة «كهوف»

  مصر اليوم -

الحياة «كهوف»

بقلم - د. محمود خليل

فكرة «الكهف» حاضرة بصورة أو بأخرى فى كافة القصص القرآنية التى اشتملت عليها سوة «الكهف. فالسورة تحكى، بالإضافة إلى قصة الفتية الذى آووا إلى الكهف، قصة أصحاب الجنتين، وقصة نبى الله موسى والعبد الصالح، وقصة ذى القرنين.القارئ لقصة أصحاب الجنتين يجد نفسه مضطراً إلى استدعاء ثنائية «السكينة/ والخوف»، التى اشتمل عليها الحديث النبوى الذى يقول: «كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى «البراء» النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزلت بالقرآن». فالمغرور بجنته كان يعيش فى كهف غروره، ولم يكن غروره أكثر من محاولة زائفة لطمأنة نفسه الخائفة من زوال النعمة، لذلك وصفه الله بأنه كان ظالماً لنفسه، يرقد فى كهف جزعه وغروره، وهو يباهى صاحبه بما حباه الله من نعم: «وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا* وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا». لقد كان المغرور أشبه بالحصان الجامح الذى خاف السحابة القادمة التى تدنو منه شيئاً فشيئاً، وكأنها سحابة الحساب، فى حين كان الآخر مطمئناً فى كهف إيمانه، وكان أول سؤال سأله له حين سمع صوت غروره: «قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِى خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا* لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّى وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّى أَحَدًا». وفى الختام سقط المغرور تحت سحابة غروره، وشمخ المؤمن فى كهف إيمانه.أما قصة نبى الله موسى والعبد الصالح، فتعكس ثنائية لرجلين يعيش أحدهما فى «كهف الفضول» والثانى فى «كهف المعرفة». الأول يريد إجابات فورية على أحداث عجيبة تقع أمام عينيه، وهو نبى الله موسى، والثانى يملك المعرفة المستندة إلى الحكمة وبُعد النظر، وهو العبد الصالح. سار الاثنان الرحلة، وفى الختام تعلم نبى الله موسى بالتجربة العملية أن القراءة المتسرعة لابتلاءات الحياة خطأ، وأن ما يظنه الإنسان أفعالاً مؤذية له أو لغيره قد يسكن فى باطنها الرحمة والنفع، وأن العاقل من عاش فى «كهف التسليم» للرحمن الرحيم.تعال بعدها إلى قصة ذى القرنين وستجد أن فكرة الكهف حاضرة فيها أيضاً، حيث كان القوم الذين التقاهم ذو القرنين سجناء فى «كهف الخوف» من يأجوج ومأجوج: «قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا». لقد أرادوا أن يفروا من كهف الخوف من الخطر الذى يتهددهم إلى كهف الأمان، وحقق لهم ذو القرنين حلمهم، حين حال بينهم بردم عظيم منحهم شعوراً بالأمان، فآووا إلى «كهف السكينة» التى نعم بها «أصحاب الكهف» الذين حكت عنهم السورة فى أولها.إنه التدوير المعجز للفكرة الخالدة، «فكرة الكهف».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة «كهوف» الحياة «كهوف»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon