توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المحنة الكبرى

  مصر اليوم -

المحنة الكبرى

بقلم - د. محمود خليل

المؤشر الجوهرى على تردى أى منظومة يتحدد فى توجهها نحو إفراز الأسوأ. وليس ثمة طريق أسهل لإفساد أى منظومة من أن ترجح معيار الثقة والولاء على الكفاءة والخبرة والجدارة والاستحقاق.

إشكالية «الثقة/ الكفاءة» كانت من الإشكاليات الكبرى التى طُرحت للنقاش العام بعد نكسة 1967، وتعددت التلميحات والتصريحات حول أن الاعتماد على أهل الثقة أدى إلى إعطاب الأداء داخل العديد من المؤسسات، ووضعنا أمام محنة كبرى، لم يكن يتصور أشد الناس تشاؤماً أن نسقط فى بئرها.

اشتعل النقاش حول اختيار القيادات داخل العديد من المواقع، بدءاً من الكليات والجامعات، مروراً برؤساء الأندية والاتحادات الرياضية، وانتهاءً بأكبر المؤسسات.. فاختيار القيادة يتم على أساس الولاء والثقة، وهى المنهجية ذاتها التى تعتمدها القيادة داخلياً بعد تعيينها، فتختار معاونيها طبقاً للمعيار نفسه، وهكذا تدور عجلة التخريب، سيئ يختار أسوأ، وأسوأ يختار أشد سوءاً، والمهم أمران الولاء والثقة من ناحية، وضعف القدرة على المنافسة من ناحية أخرى، إعمالاً للمثل المصرى الشهير الذى يقول: «أزرعه يقلعنى».

المسألة لم تكن فقط فى إعلاء مسألة الولاء على الكفاءة أو الخبرة، بل تمددت إلى ما عداها. فقد بدأت جينات الوراثة فى لعب دور مهم فى إعادة إنتاج القيادات داخل المواقع المختلفة، واشتهرت أسر بأكملها فى تخصصات معينة، ما أفقدها القدرة على التجدد، وشحت الفرص على أفراد كان من الممكن أن يسهموا فى إثراء مجالات مختلفة. أيضاً سادت فكرة الاستخفاف بالعلم، وضعف الطلب على حملته.

أصبح العلم فى «الراس» وليس فى «الكراس»، ما يعنى أن الفهلوة باتت وسيلة اكتسابه، وتدهورت الأوضاع أكثر وأكثر بعد أن أصبحت الشهادة هى الترجمة للعلم، وليس القدرة على التفكير أو الإبداع أو الإضافة والابتكار.لم يعد للمجتمع ككل غاية فى العلم أو من يملكون أدواته ويمتازون بقدرتهم على تفعيلها فى تطوير الواقع، بل اشتد الطلب على أنصاف المتعلمين، لأنهم أطوع من غيرهم.

ولا يعنى ذلك بحال عدم وجود بعض الشخصيات التى كانت تملك العلم أو القدرة داخل دولاب الإدارة العامة، لكن المشكلة أن العلم ومنهجياته كان آخر شىء يمكن يفكر هؤلاء فى العمل على أساسه، لأنهم كانوا يعلمون أنه لم يعد مطلوباً، وأن الخير لهم أن يستخدموا قدراتهم فى التبرير والدفاع عما يتفاعل فى الواقع.

لحظة الانكشاف التى عشناها عام 1967، تكررت فى مناسبات أخرى عديدة بعدها، وفى كل مرة كان يتردد نفس الكلام عن تغليب الثقة على الكفاءة عند اختيار المسئولين، وعن الوراثة والتوريث ومخاطرهما على مستقبل الأداء داخل المواقع المختلفة، وعن العلم والاستخفاف بالعلم وضعف الطلب عليه، كل الكلام تكرر دون زيادة أو نقصان، لكن لم يتغير شىء فى الواقع، ولم يكن هناك من سبب لذلك سوى عدم وجود إرادة للتغيير لا على المستوى العام ولا على المستوى الخاص. من الخطورة بمكان أن تدمن المجتمعات مشاكلها، وتستمتع باجترارها من حقبة إلى حقبة ومن مناسبة إلى أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحنة الكبرى المحنة الكبرى



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon