توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإنسان روح وجسد

  مصر اليوم -

الإنسان روح وجسد

بقلم - د. محمود خليل

يتصور البعض أن إغراق الأفراد بأحاديث هائمة مهومة عن الروح، يمكن أن يغنيهم عن مطالب الجسد.. وذلك هو الوهم بعينه.. فمهما كررت على مسامع أى فرد كلاماً عن الإشباع الروحى كوسيلة للصبر على الحرمان من احتياجات الجسد فلن يسمع لك.. فالجائع الذى لا أمل له فى طعام، أو الظامئ الذى يجد الماء سراباً، أو المريض الذى يفتقد الدواء هو شخص مهدود الروح، مكدود الوجدان، هش الإحساس.

الإنسان روح وجسد.. وقد خاطب الخالق العظيم الناس قائلاً: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ».. ويقول تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ».

فمن حق الإنسان أن يطعم ويشرب ويلبس ويسكن ويعيش مثل بقية خلق الله، ومن واجبه أيضاً -حين يوسع الله عليه- أن ينفق ويعطى من حوله مما أعطاه الله، حتى يتمنكوا هم الآخرون من تلبية احتياجات جسدهم.

نعم الصبر على ضيق الرزق مطلوب، ما دام هناك اطمئنان إلى أن «الرزق بيد الله»، ولكن المسألة تختلف عندما يدعوك متخم بأطايب الحياة إلى تمثل الصبر كقيمة روحية لتمرير أزمة يعد المتخم الملسن بحديث الروح أحد أسبابها، فيحرم عليك أطايب الحياة التى تريد الحد الأدنى منها: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ».

يقول عباس العقاد فى كتابه «الإنسان فى القرآن»: «فليس السعى فى سبيل الدنيا ضلالاً عن سبيل الآخرة، وليس فى القرآن فصام بين روح وجسد، أو انشقاق بين عقل ومادة، أو انقطاع بين سماء وأرض، أو شتات فى العقيدة يوزع الذات الإنسانية بين ظاهر وباطن وغيب وشهادة، بل هى العقيدة على هداية واحدة تحسن بالروح كما تحسن بالجسد، فى غير إسراف ولا جور عن السبيل».

التوازن مطلوب فى كل الأحوال، والله تعالى بنى الدنيا على أساس التعادلية، وقلق الناس على قوتها واحتياجات أجسادها مسألة طبيعية، لن يقلل منه أحاديث الزهد والتقشف، خصوصاً عندما يتردد على ألسنة يعتبرها المستمع لا تعانى مثلما يعانى.

الأخلاق هى جوهر الروح، فمن كانت أخلاقه طيبة فإن روحه تكون كذلك، ومن خبثت طويته خبثت أخلاقه.

وليس من الأخلاق فى شىء أن تطلب من الناس الالتزام بأمور لا تلزم نفسك بها فى حياتك، فالله تعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ». وليس من الأخلاق أيضاً أن تزيف الواقع وتقفز على حقائقه، فتبرر الخطأ، وتتغافل عن الصواب. ليس من الأخلاق أن يختلف ظاهرك عن باطنك: «وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ».

قليل من العقل يصلح الروح والجسد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان روح وجسد الإنسان روح وجسد



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon