توقيت القاهرة المحلي 18:39:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اتمسكن لحد ما تتمكن

  مصر اليوم -

اتمسكن لحد ما تتمكن

بقلم - د. محمود خليل

«اتمسكن لحد ما تتمكن» من الأمثال التى تحمل إحدى خلاصات الثقافة التى تكرست فى عصر المماليك، وتسربت إلى أجيال متعاقبة من المصريين جاءت بعد ذلك.

لعبة «المسكنة» من الألعاب التى تمتاز بموقع خاص على خريطة الثقافة العامة فى مصر، وهى موروث مملوكى بامتياز. فالإنسان الطموح الذى قذفت به الأقدار داخل مربع ضعف، فى حين يجد فى نفسه الجدارة بالجلوس على منصات القوة، يضطر إلى «المسكنة» حتى يصل إلى مرحلة التمكين.

تمسكن الأمراء المماليك لتوران شاه، حتى تمكنوا من رقبته فقتلوه، وتمسكن «أيبك» لشجر الدر حتى حل محلها فى السلطنة، وتمسكن «قطز» لأمراء المماليك بعد فراغ السلطة عقب مقتل «أيبك» حتى تولى الحكم، وتمسكن «بيبرس» لقطز حتى تمكن من رقبته، فقتله هو ومجموعة الأمراء الذين تحلقوا من حوله، ثم فعلها محمد بك أبوالدهب مع على بك الكبير، وهكذا.

إنها معادلة مضمونة النتائج تعلمها المصريون من الثقافة المملوكية التى تجذرت فى حياتهم. فرغم أنهم مجاليب أغراب جاءوا إلى البلاد بالبيع والشراء، إلا أن نظرتهم إلى ذواتهم كانت غير ذلك، فقد رأوا فى أنفسهم الأحق بحكم أهلها والأولى بخيرها وامتلاك أرضها.

اقرأ على سبيل المثال ما ورد فى المنشور الأول الذى بثه نابليون بونابرت إلى المصريين أوائل الحملة الفرنسية، وستجد كيف يهاجم المماليك ويرى أن بينهم وبين العقل والفضائل عداوة، ثم يتساءل: «ماذا يميزهم عن غيرهم حتى يستوجبوا أن يتملكوا مصر وحدهم، ويخصوا بكل شىء حسن فيها من الجوارى الحسان والخيل العتاق والمساكن المفرحة!.

فإذا كانت الأرض المصرية التزاماً للمماليك فليرونا الحجة التى كتبها الله لهم!».كان «نابليون» من الذكاء بحيث يعتمد على المعادلة نفسها التى ارتكن إليها المماليك قروناً، فتمسكن للمصريين فى المنشور، حتى يتمكن من بلادهم، وقال للمصريين إنه أعبد لله من المماليك، ويحترم نبيه والقرآن العظيم، وأن الناس متساوون أمام الله، وأن الشىء الذى يفرقهم عن بعضهم البعض هو العقل والفضائل، وأن المماليك أبعد الناس عن ذلك.

أعلن «نابليون» أنه أسلم وخاطب الأهالى بمخزون المسكنة وأفكار التسليم بالمقدور المخزونة داخلهم، وأخذ يقول لهم: «العاقل يعرف أن ما فعلناه بتقدير الله عز وجل وإرادته وقضائه ومن يشك فى ذلك فهو أحمق وأعمى البصيرة».«اتمسكن لحد ما تتمكن» درس عابر للأجيال.

ولا أجدنى بحاجة إلى تذكيرك بالطريقة التى يتعامل بها المرؤوس مع رئيسه فى العمل، والصغير مع الكبير، والمبتدئ الطامح مع صاحب المنصب الأعلى منه، بل وبعض الزوجات الضعيفة مع الأزواج، أو بعض الأزواج الضعاف مع الزوجات، أو بعض الأولاد مع آبائهم، وقِس على ذلك.

إنك لو تأملت بعض من حولك وما حولك فسوف تجد أن معادلة «اتمسكن لما تتمكن» لا تفنى، كما أنها لم تستحدث من عدم.

a

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتمسكن لحد ما تتمكن اتمسكن لحد ما تتمكن



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon