توقيت القاهرة المحلي 04:32:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غرقى «طرطوس»

  مصر اليوم -

غرقى «طرطوس»

بقلم - د. محمود خليل

على هامش غرق أحد مراكب الهجرة غير الشرعية فى «طرطوس» بسوريا ووفاة عشرات الشباب (السورى والفلسطينى واللبنانى) ممن كانوا يحلمون بالهجرة سأل المراسل بعض الشباب من أصدقاء الضحايا عن السبب. توحد الجميع على إجابة: كده ميت وكده ميت.. المهاجر ميت، ومن يؤثر البقاء ميت أيضاً. جادلهم المراسل بأن الدين يحث الإنسان على عدم الإلقاء بنفسه إلى التهلكة «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»، وأن من يقدم على التجربة القاتلة أشبه بمن يقرر الانتحار، والله تعالى نهى عن ذلك: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً».

هذه الإجابات وذلك النمط من التفكير تجده متكرراً على لسان العديد من الشباب العربى الذى أقدم أو فكر على الإقدام على تجربة هجرة غير شرعية.

استحضار الدين فى مثل هذه الأحوال ليس مجدياً، ولو ظل خطباء المساجد ودعاة التليفزيون والتواصل الاجتماعى يصرخون ليل نهار فى آذان الشباب بحرمة هذه التجربة التى يعرض فيها الإنسان نفسه للخطر فلن يجدوا آذاناً تسمعهم أو عقولاً تلتفت إليهم، ليس لأن هذا الشباب غير مدرك للمعانى الدينية الجليلة التى تحملها الآيات، بل لأن الواقع الضاغط يشل قدرته على التفكير أو الاستيعاب، فحين يكون الإنسان تحت الضغط يصبح من العبث استفزاز أى قناعات منطقية بداخله.

الدعاة الدينيون يعلمون أن القرآن كما دعا الإنسان إلى عدم إلقاء نفسه فى التهلكة، فقد دعاه أيضاً إلى الهجرة والضرب فى الأرض بحثاً عن رزقه أو تحققه: «قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا»، وبالتالى فالاستناد إلى الدين فى مثل هذه الحالة باستحضار آية وإخفاء أخرى أمر غير منطقى بالمرة، ووجه الغرض والمراوغة فى استدعاء الآية فى غير سياقها واضح.

حل مشكلة الشباب الذى يجازف بحياته فى الهجرة غير الشرعية معروف، والمسألة لا تحتاج أكثر من استيعاب هؤلاء الأبناء وتيسير سبل الحياة لهم، وإفساح المجال أمامهم لينالوا الفرص التى يستحقونها والتى تمكنهم من الحياة. كل ما نحتاجه على هذا المستوى هو التنظيم ما بين الجهود التى تبذلها الحكومات من ناحية ورجال الأعمال من ناحية أخرى، من أجل توفير فرص للحياة أمام هذا الشباب، بالإضافة إلى تنظيم عملية الهجرة لمن يريد، ولكن عبر القنوات الرسمية، وليس عبر مجموعة السماسرة من تجار الموت.

وجود الفرصة يعنى إحياء الأمل. والشباب الذى يقدم على هذه التجربة المريرة يائس بالمعنى الكامل للكلمة. المتخصصون فى علم النفس يقولون إن اليأس هو الدافع الأول للانتحار. ذلك ما يجب أن يستوعبه بعض الدعاة والوعاظ الذين يرون حل مشكلة الهجرة غير الشرعية يتمثل فى إسماع الشباب آية أو آيتين من القرآن الكريم لإقناعه بعدم الإقدام على التجربة. المسألة أعقد من ذلك بكثير.

علينا أن نتخلى عن الوهم الذى عشش فى أركان حياتنا بأن حل أى مشكلة نواجهها يمكن أن يتم عن طريق الطنطنة بكلمتى نُصح فى الإعلام أو بكلمتى وعظ فى الدين.. حل مشاكلنا معروف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غرقى «طرطوس» غرقى «طرطوس»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon