توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غرقى «طرطوس»

  مصر اليوم -

غرقى «طرطوس»

بقلم - د. محمود خليل

على هامش غرق أحد مراكب الهجرة غير الشرعية فى «طرطوس» بسوريا ووفاة عشرات الشباب (السورى والفلسطينى واللبنانى) ممن كانوا يحلمون بالهجرة سأل المراسل بعض الشباب من أصدقاء الضحايا عن السبب. توحد الجميع على إجابة: كده ميت وكده ميت.. المهاجر ميت، ومن يؤثر البقاء ميت أيضاً. جادلهم المراسل بأن الدين يحث الإنسان على عدم الإلقاء بنفسه إلى التهلكة «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»، وأن من يقدم على التجربة القاتلة أشبه بمن يقرر الانتحار، والله تعالى نهى عن ذلك: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً».

هذه الإجابات وذلك النمط من التفكير تجده متكرراً على لسان العديد من الشباب العربى الذى أقدم أو فكر على الإقدام على تجربة هجرة غير شرعية.

استحضار الدين فى مثل هذه الأحوال ليس مجدياً، ولو ظل خطباء المساجد ودعاة التليفزيون والتواصل الاجتماعى يصرخون ليل نهار فى آذان الشباب بحرمة هذه التجربة التى يعرض فيها الإنسان نفسه للخطر فلن يجدوا آذاناً تسمعهم أو عقولاً تلتفت إليهم، ليس لأن هذا الشباب غير مدرك للمعانى الدينية الجليلة التى تحملها الآيات، بل لأن الواقع الضاغط يشل قدرته على التفكير أو الاستيعاب، فحين يكون الإنسان تحت الضغط يصبح من العبث استفزاز أى قناعات منطقية بداخله.

الدعاة الدينيون يعلمون أن القرآن كما دعا الإنسان إلى عدم إلقاء نفسه فى التهلكة، فقد دعاه أيضاً إلى الهجرة والضرب فى الأرض بحثاً عن رزقه أو تحققه: «قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا»، وبالتالى فالاستناد إلى الدين فى مثل هذه الحالة باستحضار آية وإخفاء أخرى أمر غير منطقى بالمرة، ووجه الغرض والمراوغة فى استدعاء الآية فى غير سياقها واضح.

حل مشكلة الشباب الذى يجازف بحياته فى الهجرة غير الشرعية معروف، والمسألة لا تحتاج أكثر من استيعاب هؤلاء الأبناء وتيسير سبل الحياة لهم، وإفساح المجال أمامهم لينالوا الفرص التى يستحقونها والتى تمكنهم من الحياة. كل ما نحتاجه على هذا المستوى هو التنظيم ما بين الجهود التى تبذلها الحكومات من ناحية ورجال الأعمال من ناحية أخرى، من أجل توفير فرص للحياة أمام هذا الشباب، بالإضافة إلى تنظيم عملية الهجرة لمن يريد، ولكن عبر القنوات الرسمية، وليس عبر مجموعة السماسرة من تجار الموت.

وجود الفرصة يعنى إحياء الأمل. والشباب الذى يقدم على هذه التجربة المريرة يائس بالمعنى الكامل للكلمة. المتخصصون فى علم النفس يقولون إن اليأس هو الدافع الأول للانتحار. ذلك ما يجب أن يستوعبه بعض الدعاة والوعاظ الذين يرون حل مشكلة الهجرة غير الشرعية يتمثل فى إسماع الشباب آية أو آيتين من القرآن الكريم لإقناعه بعدم الإقدام على التجربة. المسألة أعقد من ذلك بكثير.

علينا أن نتخلى عن الوهم الذى عشش فى أركان حياتنا بأن حل أى مشكلة نواجهها يمكن أن يتم عن طريق الطنطنة بكلمتى نُصح فى الإعلام أو بكلمتى وعظ فى الدين.. حل مشاكلنا معروف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غرقى «طرطوس» غرقى «طرطوس»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon