توقيت القاهرة المحلي 04:32:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المدرسة.. بئر معطلة

  مصر اليوم -

المدرسة بئر معطلة

بقلم - د. محمود خليل

لم تتغير مجموعة المعادلات الأساسية التى تحكم النظرة إلى التعليم بين الأمس واليوم، سواء على مستوى الهروب من المدرسة، أو ترجيح الشهادة على التعلم.فمنذ عمليات الهروب الأولى من مدارس الوالى محمد على تواصلت المسألة طوال العقود الماضية، حتى وصلنا إلى حال باتت فيها المدارس آباراً معطلة، فالأهالى يسجلون أطفالهم فيها، ولا يهتمون بعد ذلك بذهابهم إليها من عدمه، والغالبية تبرر ذلك بغياب الخدمة التعليمية داخل المدرسة، وأنهم يعوضون ذلك بالدروس الخصوصية أو مجموعات التقوية ثم السناتر. بظهور «سنتر الدروس الخصوصية» لم يعد للمدرسة من دور إلا «الامتحان» ومنح «الشهادة».

الجهة المسئولة عن التعليم تعانى، وعندما يسألها أحد عن مستوى جودة الخدمة تحدثه حديثاً واقعياً عن الإمكانيات، وعن الأهالى الذين أدمنوا الدفع بأولادهم إلى السناتر والمدرسين الخصوصيين، وثورتهم العارمة حين تحاول تصحيح الأوضاع، ورفض الناس مشروعات التطوير التى تتبناها.

وعندما تسأل الأهالى -فى المقابل- عن اتهامات الجهة المسئولة عن التعليم لهم، يجيبونك إجابة واقعية عن أوضاع المدارس وقدرتها الاستيعابية، وقلة عدد المدرسين، وهى عوامل تدفعهم للجوء إلى بديل المدرسة «السنتر»، وتبرّر لهم أيضاً اللجوء إلى الغش، جرياً على قاعدة «كله خربان»، وقناعة منهم بأنهم دفعوا الكثير، وليس من السهل عليهم بعد الدفع أن يتنازلوا عن الشهادة.

الموضوع المشترك هو «الشهادة» المختومة رسمياً، الجهة المسئولة تريد منحها بشروطها، والأهالى يريدونها بثمنها، أما العلم فلا يوجد طلب عليه، سواء كان رسمياً أو شعبياً، بل قل إنه يضر -حين امتلاكه- أكثر مما ينفع، لأنه يجلب المشكلات فى الأغلب.

ولك أن تعلم أن الجدل حول ثنائية العلم والشهادة كان شائعاً خلال القرن الماضى، يكفى أن تستدعى فى هذا السياق حالة الغبن التى كان يشعر بها واحد من أكبر مفكرى ذلك الزمان، وهو الأستاذ عباس محمود العقاد، أمام عميد الأدب العربى طه حسين، لأن العميد حاصل على الدكتوراه، فى حين أن الأول حاصل على الشهادة الابتدائية، لكنه قرأ فى الفكر والفلسفة والعلوم ما لم يقرأه أعتى المتعلمين وحاملى الشهادات.

كان «العقاد» يعلم أنه أكبر من عشرات الحاصلين على الدكتوراه، بما أنتجه من بحوث ومؤلفات، لكن المؤكد أن المجتمع ذاته لم يكن يؤمن بما يؤمن به الرجل، ويعتبر الشهادة الدليل الأكبر على حيازة العلم، رغم التقدير الجارف الذى حظى به المفكر الكبير بين المثقفين. لا يُقلل ذلك بالطبع من قيمة طه حسين وتأثيره، لكن علينا ألا نغفل أن التعليم الحقيقى المحرّض على التفكير الذى امتاز به العميد اكتسبه فى جامعات الخارج، وليس فى بر المحروسة.

خلال النصف الأول من القرن العشرين كان هناك جدل حول العلم والشهادة، وهو الأمر الذى اختلف خلال النصف الثانى منه، إذ يمكننا القول إن المسألة حُسمت لصالح الشهادة، بعد أن تآكل الطلب على العلم بصورة محسوسة، وباتت الورقة المختومة أهم من التعليم حتى ولو كان حاملها لا يجيد القراءة والكتابة. فليس ذلك مهماً فى واقع لا يهتم كثيراً بقاعدة الكفاءة.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة بئر معطلة المدرسة بئر معطلة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon